اضطرابات الشخصية

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

5 د

Image

في أواخر القرن التاسع عشر، كتب العديد من علماء النفس الأوروبيين عن اضطرابات الشخصية وناقشوا لشخصيات الطبيعية وغير الطبيعية، معتقدًا أنها لا يمكن تغييرها، وصنفوا الشخصيات المضطربة نفسيًا إلى: شخصيات إجرامية، متذبذبة أو ضعيفة الإرادة، وكاذبة. وتطور هذا التصنيف لاحقًا إلى: الشخصية الانفعالية، والتي لها صلات باضطراب الشخصية الحدية اليوم، والشخصيات غير المستقرة عاطفياً، ويمتلكها الأشخاص الذين يتأرجحون باستمرار ذهابًا وإيابًا بين قطبي العاطفة المتضادين، الفرح والحزن.

ثم جاء العالم فرويد الذي قد نهجًا للتحليل النفسي. وبدلاً من الاعتقاد بأن الشخصية المضطربة فطرية، قام بربط هذه الاضطرابات بتجارب الطفولة. وفي الخمسينيات من القرن الماضي، لم يكن ينظر إلى أولئك الذين يعانون مما يعرف الآن باسم اضطرابات الشخصية على أنهم مرضى عقليون، بل كان ينظر إلى هذا على أنه عيوب شخصية وسلوك غير منطقي.

واعترف أول دليل تشخيصي وإحصائي للاضطرابات العقلية، نشر عام 1952، رسميًا بفئة اضطرابات الشخصية على أنها أنماط سلوك مقاومة للتغيير. ووصف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية عام 1969 اضطرابات الشخصية بأنها تتميز بأنماط سلوكية متأصلة بعمق وغير قادرة على التكيف والتي تختلف بشكل ملحوظ عن الأعراض الذهانية والعصبية. وحدد الدليل اضطرابات الشخصية وهي: جنون العظمة، واضطراب المزاج، والفصام، والوسواس القهري، والاضطراب الهستيري، والوهن، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والسلبية العدوانية.

عرف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في عام 1980 اضطرابات الشخصية على أنها غير مرنة وغير قادرة على التكيف وتسبب ضعفًا كبيرًا في الأداء الوظيفي. تمت إضافة اضطرابات شخصية جديدة وهي: اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية المعتمد، وكذلك اضطراب الشخصية المختلطة.

استمرت تعريفات وأنواع اضطرابات الشخصية في التطور، ولا زالت البحوث قائمة للحصول على فهم أكبر لاضطرابات الشخصية والتمييز بينها للحصول على التشخيص الدقيق واختيار طرق العلاج الأنسب لكل نوع من أنواع اضطرابات الشخصية. 

الأسباب

لا يوجد سبب واضح لتطور اضطرابات الشخصية، حيث يعتقد معظم الباحثين أن مزيجًا معقدًا من العوامل قد يزيد من خطر تطوير أو هذه الاضطرابات، بما في ذلك [1]:

1.  البيئة والظروف الاجتماعية

يمكن أن تؤثر البيئة والظروف الاجتماعية التي نشأت فيها ونوعية الرعاية التي نتلقاها على الطريقة التي تتطور بها شخصيتك. قد تواجه صعوبات مرتبطة باضطرابات الشخصية إذا كنت قد عانيت من:

·         حياة عائلية غير مستقرة أو فوضوية

·         التجارب السيئة خلال حياتك المدرسية، مثل التنمر

·         الفقر أو التعرض للتمييز

·         الهجرة إلى الخارج

 

2.  تجارب الحياة المبكرة

إذا كنت قد مررت بمرحلة طفولة صعبة، فربما تكون قد طورت معتقدات معينة حول الطريقة التي يفكر بها الناس أو يتصرفون بها وكيف تبنى العلاقات. يمكن أن يؤدي هذا إلى تطوير طرق معينة للتكيف والتفاعل مع الآخرين والتي قد تكون ضرورية عندما كنت طفلاً، ولكنها لا تكون مفيدة دائمًا في حياتك لاحقًا. إذا تم تشخيصك باضطراب الشخصية، فمن المرجح أن تكون قد مررت بتجارب صعبة أو مؤلمة خلال نشأتك، مثل:

·         التعرض للإهمال

·         فقدان أحد الوالدين أو الشعور بحزن مفاجئ

·         التعرض للاعتداء العاطفي أو الجسدي

·         الشعور بالخوف الشديد

لكن ليس بالضرورة أن كل من يعاني من مشاكل صعبة ومؤلمة سيصاب باضطرابات الشخصية. كما أنه ليس بالضرورة أن يمر كل من يصاب باضطراب الشخصية بتجربة مؤلمة في مرحلة من مراحل حياته.

3.  عوامل وراثية

من المحتمل أن تكون مسببات اضطراب شخصيتك وراثية، فنحن جميعًا نولد بشخصيات ومزاجات مختلفة، فعلى سبيل المثال، يختلف الأطفال في مدى نشاطهم، ومدى انتباههم وكيف يتكيفون مع التغييرات التي يمرون بها. ويعتقد بعض الخبراء أن الوراثة الجينية قد تلعب دورًا في تطور اضطراب الشخصية، ويشير آخرون إلى أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت أوجه التشابه في المزاج والسلوك قد توارثتها الأجيال وراثيًا أو من خلال التجارب التي مر بها الأطفال وكان لها الأثر في تطوير سلوكهم.

الأنواع

استطاع الباحثون مع مرور الزمن التعرف على أنواع اضطرابات الشخصية وأعراضها، مما مكن الأطباء النفسيون من تحديد التشخيص المناسب للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الشخصية. وتشمل أنواع اضطرابات الشخصية ما يلي [2]:

·         اضطراب جنون العظمة

إذا كنت مصابًا باضطراب جنون العظمة  فقد يلاحظ الآخرون أنك شديد الارتياب والشك. وقد تؤدي أفكارك ومشاعرك وتجاربك المرتبطة بإصابتك باضطراب بجنون العظمة إلى ظهور الأعراض التالية لديك:

1.      تفتقر إلى الثقة بالآخرين وتشك بهم وبأفعالهم

2.      تعتقد أن الآخرين يحاولون إلحاق الأذى بك دون سبب

3.      تتردد في الثقة بالآخرين خوفًا من استخدام الآخرين لتلك المعلومات ضدك

 

·         اضطراب الشخصية الفصامية

قد تبدو  في حال إصابتك باضطراب الشخصية الفصامية باردًا ومنفصلًا عن الآخرين. وقد تتجنب عادة التواصل الاجتماعي وتكوين علاقات وثيقة مع الآخرين. وتشمل الأعراض الأخرى التي قد تشعر بها في حال إصابتك باضطراب الشخصية الفصامية ما يلي:

1.      لديك تفكير أو معتقدات أو كلام أو سلوك غير عادي

2.      تشعر بأشياء غريب، مثل سماع صوت يهمس باسمك

3.      لديك قلق اجتماعي، بما في ذلك عدم الراحة في إقامة علاقات وثيقة مع الآخرين

4.      تستجيب للآخرين بطرق غير مناسبة أو تظهر الشك أو عدم الاهتمام

5.      تعتقد أن بعض الأحداث لها رسائل خفية

 

·         اضطراب الشخصية الحدية

قد تؤدي إصابتك باضطراب الشخصية الحدية إلى مواجهتك صعوبات في إدارة عواطفك والتحكم بها. يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على المشاعر إلى زيادة الاندفاع، والتأثير على شعورك تجاه نفسك، مما قد يؤثر سلبًا على علاقاتك مع الآخرين. وتشمل الأعراض الأخرى التي قد تشعر بها في حال إصابتك باضطراب الشخصية الحدية ما يلي:

1.      لديك خوف شديد من الوحدة

2.      لديك شعور مستمر بالفراغ

3.      لديك اضطراب بالمزاج، غالبًا بسبب التوتر عند التفاعل مع الآخرين.

4.      تهدد بإيذاء النفس أو التصرف بطرق قد تؤدي إلى الانتحار.

5.      الشعور بالغضب الشديد

 

·         اضطراب الشخصية الهستيرية

قد تشعر في حال إصابتك باضطراب الشخصية الهستيرية بالقلق من تجاهلك. نتيجة لذلك، قد تشعر برغبة غامرة في أن يتم ملاحظتك، وقد تكون لديك أيضًا الرغبة في أن تكون مركز اهتمام الجميع. وتشمل الأعراض التي قد تشعر بها في حال إصابتك باضطراب الشخصية الهستيرية ما يلي:

1.      تسعى دائمًا للاهتمام

2.      تهتم جدًا بالمظهر الخارجي

3.      تعتقد أن العلاقات مع الآخرين أقوى مما هي عليه


·         اضطراب الشخصية النرجسية

قد تتأرجح في حال إصابتك باضطراب الشخصية النرجسية بين اعتبار نفسك مميزًا والخوف من أنه لا قيمة لك. وتشمل الأعراض التي قد تشعر بها في حال إصابتك باضطراب الشخصية النرجسية ما يلي:

1.      لديك معتقدات حول كونك مميزًا وأكثر أهمية من الآخرين.

2.      لديك تخيلات عن القوة والنجاح وجذب الآخرين

3.      لا تفهم احتياجات ومشاعر الآخرين.

4.      تضخم الحقيقة حول الإنجازات أو المواهب.

5.      تتوقع الثناء المستمر وتريد أن تحظى بالإعجاب.

6.      تشعر بالتفوق على الآخرين وتتفاخر به

7.      تتوقع حصولك على مزايا بدون سبب وجيه

8.      تشعر بالغيرة من الآخرين أو تعتقد أن الآخرين يغارون منك

 

·         اضطراب الشخصية الانطوائية

على عكس الأشخاص المصابين باضطرابات الشخصية الفصامية، قد تشعر في حال إصابتك باضطراب الشخصية الانطوائية بأنك ترغب في إقامة علاقات وثيقة مع الآخرين والتفاعل معهم، ولكنك تفتقر الثقة والقدرة على تكوين هذه العلاقات. وقد تشعر في حال إصابتك باضطراب الشخصية الانطوائية بأعراض قد تشمل ما يلي:

1.      الخجل الشديد

2.      الشعور بعدم الثقة بالنفس

3.      الارتباك في المواقف الاجتماعية بسبب الخوف من القيام بتصرف خاطئ أو التعرض للإحراج.

4.  نادرًا ما تقوم بالمجازفة أو تجريب أمور جديدة

 

·         اضطراب الوسواس القهري

 إذا كنت مصابًا بهذا النوع من اضطراب الشخصية فإنك غالبًا ما تكون منشغلًا بالنظام والكمال، وقد تكون في أغلب الأحيان مصرًا على أن يتم كل شيء بطرق محددة. وفي حال إصابتك باضطراب الوسواس القهري في شخصيتك قد تكون مصابًا بأعراض تشمل:

1.      تركز كثيرًا على التفاصيل والنظام والقواعد

2.      تعتقد أن كل شيء يجب أن يكون مثاليًا

3.      تحتاج إلى السيطرة على الأشخاص والمهام والمواقف.

4.      تتجاهل الأصدقاء والأنشطة الممتعة بسبب التركيز المفرط على العمل

إذا كانت لديك أي أعراض تدل على إصابتك باضطراب في الشخصية والتي تؤثر سلبًا على حياتك اليومية ونشاطاتك وتفاعلك مع الآخرين، فننصحك باستشارة طبيبك للحصول على التشخيص الدقيق والعلاج المناسب. عندما لا يتم علاج اضطرابات الشخصية، فإنها يمكن أن تسبب مشاكل خطيرة في المزاج والعلاقات مع الآخرين أيضًا، قد تزداد القدرة على العمل أو دراسة أو ممارسة النشاطات اليومية سوءًا دون علاج.


الأعراض

تتمثل الأعراض التي قد تظهر عند إصابتك بأي من اضطرابات الشخصية في امتلاكك نمطًا ثابتًا من السلوكيات والعواطف تجاه الذات والآخرين، والذي يتسبب في مواجهتك صعوبات في التكيف مع مختلف المواقف الحياتية. من أمثلة الأعراض الشائعة التي قد تشعر بها عند إصابتك بالاضطرابات النفسية ما يلي [2]:

1.      تجنب الآخرين

2.      الشعور بالفراغ والانفصال العاطفي

3.  التصرفات الغريبة

4.      صعوبة الحفاظ على علاقات مستقرة ووثيقة

5.      فقدان الاتصال بالواقع

قد يواجه بعض الأشخاص أيضًا صعوبة في إدارة المشاعر السلبية دون إيذاء النفس. وفي حالات نادرة، قد يقوم المصابون بالاضطرابات الشخصية بتهديد الأشخاص الآخرين وتعريضهم للخطر. وقد يعاني المصابون باضطرابات الشخصية أيضًا من الاكتئاب، وعادة ما تزداد الأعراض سوءًا مع الإجهاد.

 

العلاج

أظهرت أنواع معينة من العلاج النفسي فعاليتها في علاج اضطرابات الشخصية. وأثناء العلاج النفسي وخاصة بالكلام، يمكنك فهم الاضطراب الذي تعاني منه أكثر والتحدث عن الأفكار والمشاعر والسلوكيات. يمكن أن يساعدك العلاج النفسي على فهم آثار سلوكك على الآخرين وتعلم كيفية التعامل مع الأعراض وتقليل السلوكيات التي تسبب مشاكل في العلاقات. يعتمد نوع العلاج على اضطراب الشخصية الذي تعاني منه ومدى شدته. وتشمل أنواع العلاج النفسي الشائعة الاستخدام والتي يمكن أن يصفها الطبيب لك ما يلي [3]:

·         العلاج السلوكي المعرفي

هو نوع من العلاج بالكلام للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المشاعر، وهو علاج شائع للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، ولكن المعالجين قد يستخدمونه لحالات الاضطرابات العقلية الأخرى أيضًا. ويمكن السبب وراء فعالية العلاج السلوكي المعرفي في علاج الحالات اضطرابات الشخصية كون هو أنه يُعتقد أن كل حالة من هذه الحالات مرتبطة بالمشكلات التي تنتج عن الجهود غير الصحية أو الإشكالية للسيطرة على المشاعر السلبية الشديدة. بدلاً من الاعتماد على الجهود التي تسبب مشاكل للشخص ، يساعد DBT الأشخاص على تعلم طرق أكثر صحة للتكيف.

·         الأدوية

لا توجد أدوية مستخدمة على وجه التحديد لعلاج اضطرابات الشخصية. ومع ذلك، في بعض الحالات، قد تكون الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب أو مزيلات القلق أو مثبتات المزاج، مفيدة في علاج بعض الأعراض.

تعد اضطرابات الشخصية تحديًا نفسيًا يؤثر على الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد مع الأشخاص من حولهم. وتتراوح هذه الاضطرابات من نمط سلوكي بسيط إلى أنماط أكثر تعقيدًا وتأثيرًا، يمكن أن تتسبب في صعوبات في التواصل والعلاقات. وفي حال شعورك بظهور أعراض تؤثر سلبًا سلوكك وأفكارك التي تترك أثرًا على حياتك وتفاعلك مع الآخرين ، ننصحك باستشارة الطبيب الذي سيقوم بتشخيص الاضطراب الذي تعاني منه ومن ثم اختيار العلاج المناسب لك.

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

شخصية فصامية

شخصية هستيرية 

وسواس قهري

شخصية انطوائية

شخصية حدية

شخصية نرجسية

شخصية فصامية

اضطراب الشخصية