يعد اضطراب الشخصية الهستيرية أحد أكثر الفئات تعقيدًا من حيث التشخيص في الطب النفسي. الهستيريا مصطلح تقليدي يتضمن مجموعة متنوعة من الحالات النفسية المرضية. درس العديد من الباحثين من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر اضطراب الشخصية الهستيرية، وقاموا بتعريف الهستيريا على أنها عصاب ذو أساس عضوي. ظهر اضطراب الشخصية الهستيرية لأول مرة رسميًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الثانية. ويعد اضطراب الشخصية الهستيرية هو الاضطراب الوحيد الذي أبقى على استخدام المصطلح المشتق من المفهوم القديم والسائد لهذا الاضطراب وهو الهستيريا.
وفي وقتنا الحالي، يعد اضطراب الشخصية الهستيرية واحد من عشرة اضطرابات شخصية معترف بها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة، وهو دليل الذي يستخدمه اختصاصيو الصحة النفسية لتشخيص حالات الاضطرابات العقلية والنفسية.
الأسباب
تعد اضطرابات الشخصية، بما في ذلك اضطراب الشخصية الهستيرية، من بين أقل حالات الصحة العقلية فهمًا ووضوحًا. وقد حددت الدراسات التي تم إجراؤها حول الاضطرابات الهستيرية واضطرابات الشخصية الأخرى عدة عوامل قد تؤدي إلى تطور الاضطرابات الهستيرية، وتشتمل هذه العوامل التي من الممكن أن تسبب ظهور اضطراب الشخصية الهستيرية لديك على ما يلي:
· الوراثة
يميل اضطراب الشخصية الهستيرية إلى الانتشار في العائلات، لذلك يعتقد العلماء أنه قد يكون هناك رابط وراثي بين إصابة أحد أفراد الأسرة باضطراب الشخصية الهستيرية وزيادة احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب لدى باقي أفراد العائلة.
· التعرض لصدمات في مرحلة الطفولة
قد يتعرض الأطفال إلى العديد الصدمات، مثل إساءة المعاملة أو وفاة أحد أفراد الأسرة، والتي من الممكن أن تسبب لاحقًا حدوث اضطرابات تؤثر على حياتهم.
· أنماط التربية الخاطئة
الأطفال الذين تفتقر تربيتهم إلى الحدود، والذين يتسامح آباؤهم وأمهاتهم مع تصرفاتهم بشكل مفرط أو غير متسق، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية. كما يعتقد بعض الباحثين أن المشاكل في العلاقات بين الوالدين والطفل تؤدي إلى تدني احترام الذات لاحقًا لدى الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الهستيرية.
الأعراض
تعتبر السمة الرئيسية لاضطراب الشخصية الهستيرية هي إظهار الانفعال المفرط والسطحي للفت انتباه الآخرين. ولكن، تتشابه العديد من أعراض اضطراب الشخصية الهستيرية مع تلك التي يعاني منها الأشخاص المصابون بالاضطرابات النفسية والأمراض الطبية الأخرى. لذلك، من المرجح أن يقوم الطبيب أولاً بإجراء فحوصات لاستبعاد الاضطرابات أو الحالات الطبية الأخرى التي قد تسبب ظهور أعراض مشابهة. وفي حال إصابتك باضطراب الشخصية الهستيرية، قد تلاحظ ظهور الأعراض التالية لديك:
1. الشعور بالاكتئاب عندما لا تكون في مركز الاهتمام.
2. لديك عواطف غير مستقرة متغيرة باستمرار
3. التصرف بشكل درامي وعاطفي جدًا، لدرجة قيامك بإحراج الأصدقاء والعائلة في الأماكن العامة
4. شديد الاهتمام بمظهرك الخارجي
5. السذاجة والتأثر بسهولة بآراء الآخرين والظروف من حولك
6. الصعوبة في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية
7. الشعور بالملل أو الإحباط بسهولة شديدة
8. يتأثر بسهولة بالآخرين أو بالظروف
9. اعتبار العلاقات مع الآخرين أكثر ترابطًا مما هي عليه في الواقع
كما أنه في حال إصابتك باضطراب الشخصية الهستيري، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وذلك نتيجة لأن احترامك لذاتك يعتمد على موافقة ورأي الآخرين، وفي حال كانت الآراء سلبية، فقد يؤثر ذلك على احترامك لذاتك ويؤدي إلى إصابتك بالاكتئاب.
عادة ما تظهر هذه الأعراض بدرجات متفاوتة وفي مواقف مختلفة. ومع ذلك، فإن المكون الأساسي لاضطراب الشخصية الهستيرية هو وجود مشاكل في السلوك والتفكير والعواطف التي تجعل الحياة اليومية صعبة. ويسبب هذا الاضطراب ضغوطًا، سواء للمصاب أو لمن حوله، وغالبًا ما يؤدي إلى عدم القدرة على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، والحفاظ على الوظيفة، والتكيف مع المواقف المختلفة. وحتى إذا كان المصاب على علم بإصابته باضطراب الشخصية الهستيرية، فإنه عادة ما يكون غير قادر على تغيير سلوكياته دون تلقي العلاج النفسي بالكلام أو العلاج بالأدوية، إذا ترافقت إصابته باضطراب الشخصية الهستيرية مع اضطرابات نفسية أخرى.
العلاج
بشكل عام، لا يعتقد الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية أنهم بحاجة إلى العلاج. كما يميل المصابون أيضًا إلى المبالغة في مشاعرهم ويكرهون الروتين، مما يجعل اتباع خطة علاج محددة أمرًا صعبًا بالنسبة لهم. ولعلاج أعراض اضطراب الشخصية الحدية قد يقوم الطبيب بوصف طرق العلاج التالية:
· العلاج النفسي بالكلام
بشكل عام يعتبر العلاج النفسي بالكلام هو العلاج الأفضل لأعراض اضطراب الشخصية الهستيرية. الهدف من العلاج بالكلام هو مساعدتك على اكتشاف الدوافع والمخاوف المرتبطة بأفكارك وسلوكك، ومساعدتك على تعلم إقامة علاقات مع الآخرين بطريقة أكثر إيجابية. وتتضمن الأهداف الرئيسية للعلاج النفسي بالكلام ما يلي:
· تقليل احتمالية المرور بالأزمات العاطفية
· تطوير مهارات التأقلم والمهارات الاجتماعية
· تحسين احترام وتقدير الذات
· مساعدتك على فهم دورك وكيفية التصرف في المواقف الصعبة
· مساعدتك على إدراك وفهم عواطفك وأفعالك
وتعتبر هذه الأهداف هي أهداف عامة للخطة العلاج. ولكن، عندما تلتزم بحضور جلسات العلاج النفسي بالكلام، يمكنك البدء في المشاركة في تحديد الأهداف التي تطمح إليها بشكل أكثر فاعلية مع الطبيب النفسي.
· الأدوية
يمكن استخدام الأدوية أحيانًا كعلاج لأعراض اضطراب الشخصية الحدية إذا ترافقت هذه الأعراض مع الإصابة بحالات أخرى قد تكون موجودة أيضًا مع هذا الاضطراب، مثل الاكتئاب والقلق.
وبالإضافة إلى استخدامك العلاج المناسب، يمكنك تعلم كيفية التحكم في الأعراض وعمل خطة تقوم بها بنفسك لتحسين نوعية حياتك. وتتضمن طرق التعامل مع أعراض الشخصية الهستيرية التي يمكنك اتباعها للسيطرة على أعراضك ما يلي:
· وضع جداول منتظمة لتناول الطعام والنوم
· ممارسة الرياضة بشكل منتظم
· الاستعانة بالأصدقاء والعائلة الموثوق بهم لتحديد المشاكل في سلوكياتك وتفكيرك وتعديلها
إذا كنت تشك في إصابتك أو إصابة أحد المقربين منك باضطراب الشخصية الهستيرية، فننصحك بزيارة الطبيب في أسرع وقت ممكن للحصول على التشخيص الدقيق ومن ثم البدء باستخدام العلاج المناسب. إذا لم يحصل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية على العلاج، فإن المشاكل في أفكاره وعلاقاته وسلوكه ستستمر في التأثير على العلاقات مع الآخرين، وتؤدي إلى الإصابة بالحزن الشديد والقلق الذي قد يتطور إلى الإصابة بالاكتئاب.
أسئلة وأجوبة
السؤال الأول/ ما الفرق بين الشخصية الهستيرية والنرجسية؟
يحب الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية واضطراب الشخصية الهستيرية أن يكونوا مركز الاهتمام، ولكنهم يختلفون في نوع الاهتمام الذي يريدونه. يحتاج الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية إلى الإعجاب والحصول على اهتمام يتماشى مع شعورهم المتضخم بقيمة ذاتهم. من ناحية أخرى، يسعى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية إلى الانتباه بشكل عام، بغض النظر عن نوع الانتباه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الهستيرية، مقارنة بالأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية، هم أقل رفضًا للآخرين، وأكثر قدرة بشكل عام على الشعور بالتعاطف ويمكن أن يكونوا حساسين تجاه الآخرين. أما الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية، فعلى النقيض من ذلك، غالبًا ما يكونون غير قادرين على الشعور بالتعاطف والإحساس بمشاعر الآخرين.
السؤال الثاني/ ما هو الاغماء الهستيري؟
الإغماء الهستيري أو النوبات الكاذبة هي مصطلحات قديمة تستخدم لوصف النوبات التي تشبه نوبات الصرع من حيث الأعراض ولكنها تحدث دون وجود نشاط مفرط في نتائج التخطيط الكهربائي للدماغ الذي يدل على وجود نوبات الصرع.
السؤال الثالث/ ماذا يسمى الشخص الذي يحب جذب الانتباه؟
قد يكون الشخص الذي يحب جذب الانتباه مصابًا باضطراب الشخصية الهستيرية، وهو نوع من الاضطرابات النفسية التي تتميز بسلوكيات البحث المستمر عن الاهتمام من قبل الآخرين والقيام بإظهار ردود فعل عاطفية مفرطة.
السؤال الرابع/ كيف تتعامل مع الشخص الهستيري؟
قد يكون التعامل مع شخص مصاب باضطراب الشخصية الهستيرية أمرًا صعبًا للغاية، ولكن هناك بعض الأمور التي يمكنك القيام بها أثناء تعاملك مع شخص مصاب باضطراب الشخصية الهستيرية.
1. ضع حدودًا أثناء التحدث إليهم. تحدث معهم بطريقة طبيعية وودية وتحدث إليهم في حال انزعاجك من سلوكيات معينة.
2. شجعهم على التفكير في أفعالهم ومراجعتها. الأفراد المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية مندفعون ويتأثرون بسهولة بآراء الآخرين. إن مساعدتهم على التفكير في أفعالهم بشكل نقدي يمكن أن يساعدهم على تعلم مهارات اتخاذ القرار المناسب.
3. حافظ على هدوئك ولا تشجع السلوكيات الدرامية التي يقومون بها من أجل جذب الانتباه. ومن الأفضل أحيانًا عدم الاهتمام بهذه السلوكيات وتجاهلها.
السؤال الخامس/ هل تشفى الشخصية الهستيرية؟
على الرغم من عدم وجود علاج لاضطراب الشخصية الهستيرية، غالبًا ما يعيش العديد من الأشخاص المصابين بهذه الحالة حياة طبيعية. يميل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية الذين يتلقون جلسات العلاج بالكلام إلى تحقيق نتائج أفضل حيث يكتسبون فهمًا أفضل لحالتهم، مما يساعدهم على التصرف اجتماعيًا بشكل أفضل.
السؤال السادس/ هل اضطراب الشخصية الهستيرية خطير؟
يمكن أن يكون اضطراب الشخصية الهستيرية حالة صعبة للغاية في حال إصابتك بها، حيث تلاحظ أنه يصعب عليك الحفاظ على العلاقات الاجتماعية. كمت يعتمد احترامك لذاتك إلى حد كبير على رأي الآخرين بك. نادرًا ما يكون لدى الأشخاص المصابين بمرض اضطراب الشخصية الهستيرية نوايا سيئة، على الرغم من أن سلوكياتهم وأفعالهم يمكن أن تسيء إلى الآخرين وتتلاعب بأفكارهم.
السؤال السابع/ متى ظهر مرض الهستيريا؟
أقدم سجل يتحدث عن اضطراب الهستيريا يعود لبردية طبية مصرية يرجع تاريخها إلى حوالي عام 1990 قبل الميلاد. أما في منتصف القرن التاسع عشر، فقد قدم العالم إرنست فون فووترسلبين أول وصف نفسي اجتماعي لاضطراب الشخصية الهستيرية.
السؤال الثامن/ هل الهستيريا مرض نفسي؟
اضطراب الشخصية الهستيرية هو مرض نفسي يتميز بنمط من الانفعال المبالغ فيه وسلوكيات مستمرة للبحث عن الاهتمام. يصنف اضطراب الشخصية الهستيرية ضمن "المجموعة ب" من الاضطرابات النفسية التي تصيب الشخصية.
السؤال التاسع/ ما هي صفات الشخصية الهستيرية؟
يتصف المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية بالصفات التالية:
· السعي باستمرار للحصول على الاهتمام من قبل الآخرين
· عدم الارتياح في المواقف التي لا يكونون فيها محاطين يالاهتمام.
· القيام بسلوكيات غير مناسبة مما قد يزعج الآخرين ويدمر علاقاتهم معهم
· التلاعب بأفكار الآخرين ومشاعرهم
