ما هو الاكتئاب؟

يمكن تعريف الاكتئاب بمفهومه العام على أنه :

" حالة من الانسحاب من الواقع ترتبط بمشاعر الحزن و يأس و اهتزاز في الثقة بالنفس"

و  غالباً ما ترتبط في ذهن أغلب الناس بمشاعر الضنك و التعاسة أو بمفهوم "المزاج النّكِد".

و برغم احتواء هذا المفهوم الشائع على بعض من الصحة،  إلا أن الاكتئاب بمفهومه الإكلينيكي ليس مجرد حزن يمكن التغلب عليه أو مزاج سيء يمكن تغييره و لكنه اضطراب ذو أبعاد نفسية و جسدية لا يمكن حصرها في شعور واحد كالحزن.

• الاكتئاب هو اضطراب مزاجي-تفاعلي  يحدث نتيجة خلل في تنظيم النواقل العصبية و الهرمونات المرتبطة بالإجهاد تسبب اضطراباً على مستوى المشاعر،التفكير السلوك والعمليات الحيوية.

• و يستمر لمدة أسبوعين على الأقل على شكل نوبات متقطعة.

 

ما هي الآلية المرضيّة للاكتئاب؟

أعراض الاكتئاب تُعزى لسببين رئيسيين:

1-خلل في النواقل العصبية Monoamines :

النواقل العصبية وحيدات الأمين تشمل السيراتونين، الدوبامين و النورابنيفرين و هي نواقل عصبية ذات دور أساسي في تنظيم المزاج.

• عند حصول خلل في إنتاج و عمل هذه النواقل فإن النتيجة هي خلل في تنظيم المزاج و نمط النوم بشكل أساسي مما يحدث التغييرات المرتبطة باضطرابات الاكتئاب.

هذا الخلل قد يكون نتيجة للتالي:

• أعراض جانبية لأدوية أو أمراض أخرى.

• حدث سيء معين أو تغيير في حياة الشخص.

2- نقص نمو الخلايا العصبية :

التعرض الطويل للتوتر البيئي أو حدث صادم يسبب ارتفاعاً في الكورتيزول و الذي بدوره يثبط نمو الخلايا العصبية مسبباً خلل في التفاعل البيئي و المزاج.

الكورتيزول ليس وحده المسؤول عن هذا الخلل، فهنالك هرمونات أخرى لها تأثير مثل :

• الستيرويدات عامة : و هي المسؤولة عن الاكتئاب التابع للتوتر المزمن و اكتئاب ما  بعد الولادة.

• هرمونات الغدة الدرقية T3 : هرمونات الغدة لها دور في النمو العصبي، نقص هرمون الغدة الدرقية يؤدي للإكتئاب المصاحب لخمول الغدة الدرقية.

من هم الأكثر عرضةً للاصابة بالإكتئاب؟

• ذوي الاستعداد الجيني : تزيد فرصة الإصابة بالاكتئاب مرة ونصف الى ثلاث مرات أكثر عندما يكون هناك تاريخ لمرض الاكتئاب في العائلة .

• ذوي التاريخ المرضي: تزيد فرصة الإصابة بالاكتئاب عند الأشخاص المصابين بأمراض معينة تؤثر على توازن الدماغ مثل خمول الغدة الدرقية

• الأطفال المعنفين: وجود تاريخ من التعنيف و التوتر خلال مرحلة الطفولة يزيد من فرصة التعرض للاكتئاب.

• البيئة عالية التوتر: فرصة الإصابة تزيد عند الأشخاص المعرضين للتوتر المستمر.

• مدمني المواد المخدرة: للمواد المخدرة مفعول سلبي على النواقل العصبية و تأثير كبير في الاصابة بالإكتئاب.

• النساء: يوجد رابط بين بعض الهرمونات الانثوية وزيادة فرصة الإصابة بالإكتئاب، و تصل فرصة إصابتهن بالإكتئاب إلى ضعفي أقرانهن الرجال. 

ببساطة يمكن القول أن الإصابة بالإكتئاب تعتمد على عوامل وراثية وجينية وعوامل بيئية .

ما هي أعراض الإكتئاب؟

أعراض الاكتئاب تنقسم لثلاث أقسام مرتبة من الأقل للأكثر تأثيراَ على نوعية حياة المريض.

الأعراض المرتبطة بالمشاعر :

• شعور بالتعاسة

• قلّة الاهتمام بالمحيط

• شعور بالذنب

• أفكار انتحارية

أعراض خمول عصبي :

• تعب مستمر و خمول

• اضطرابات في النوم

• اضطرابات في الشهية

أعراض عصبية - إدراكية: 

• بطء في الأفكار

• اضطراب في النشاط 

من الجدير بالذكر أن أعراض الاكتئاب تظهر على شكل خمول و حزن عند كبار السن و على شكل توتر وغضب عند اليافعين والأطفال.

ما هي أنواع الإكتئاب؟

للاضطرابات المتعلقة بالاكتئاب ستة أنواع رئيسية:

1. اضطراب عدم انتظام المزاج Disruptive mood dysregulation disorder  
   
   
2. الاضطراب الاكتئابي الكبير Major depressive disorder  
    
3. اضطراب الاكتئاب المستمر persistent depression disorder
   
   
4. اضطراب الاكتئاب المرتبط بالعقاقير Substance induced depressive disorder
   
   
5. اضطراب الاكتئاب الناتج عن مرض Depressive disorder due to a medical condition
   
   
6. اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي Premenstrual dysphoric disorder 

علام يعتمد تشخيص الاكتئاب؟ 

لحسن الحظ فإن اضطرابات الاكتئاب من أولى الاضطرابات النفسية التي نالت اهتماما طبياً و كانت محور للعديد من الأبحاث و لذلك فقد طُوّرت عدة مراحل لتشخيص الاضطراب الاكتئابي و تحديد نوعه و الطريقة الأمثل للعلاج.

تشخيص الاكتئاب يتم بالتعاون بين الطبيب والأخصائي النفسي عبر المراحل التالية:

المرحلة الأولى : الفحص الطبي 

و يتم من قبل طبيب نفسي أو ممارس عام يتولى فحص الحالة العقلية و الجسدية للمريض و يركز على أي أعراض  قد ترتبط بالاكتئاب.

المرحلة الثانية : التحاليل العامة.

لكون الاكتئاب اضطراباً معقدّاً تشترك فيه أجهزة مختلفة في الجسم فيلزم الاضطلاع على وظائف الجسم الأساسية و المستويات الهرمونية التي قد تكون مرتبطة بالأعراض الاكتئابية.

المرحلة الثالثة: اختبار الاكتئاب.

هنالك العديد من الاختبارات لقياس مستوى الاكتئاب أكثرها شيوعاً و استخداماً هو:

• اختبار PHQ-9

• اختبار Ham-D 

و يجب أن يتم تقديم وتقييم الاختبار من قبل مختص.

المرحلة الرابعة : التاريخ المرضي:

هنا يُنظر للأمراض السابقة التي قد تكون مرتبطة بظهور الاكتئاب مثل :

• السكتة الدماغية

• مرض باركنسون

• الإصابة الدماغية

• خمول الغدة الدرقية

المرحلة الخامسة: الأدوية المستخدمة :

هذه الأدوية قد تكون علاجية بوصفة طبية مثل :

• السترويدات

• الادوية المانعة للصرع

أو مواد مخدرة مُساء استخدامها مثل:

• الأفيونات

• المهلوسات

• الكحول

• الأمفيتامين

• الكوكايين

يقوم الطبيب المعالج بفحص هذه الأدوية و تأثيرها على المريض، من المهم إعلام الطبيب بأي استخدام سابق للأدوية أو المواد الممنوعة للحصول على تشخيص صحيح.

المرحلة السادسة: تقييم القابلية للانتحار :

و يتم عبر تقييم عوامل الخطر مقابل عوامل الحماية من الانتحار، 

عوامل الخطر قد تتضمن:

• الذكور

• اليافعين

• تاريخ من التعنيف خلال الطفولة

• وجود خطة واضحة لكيفية الانتحار ( عندما يفكر المريض بالانتحار فإنه يخطط لاستخدام طريقة معينة )

عوامل الحماية قد تتضمن:

• وجود شبكة اجتماعية داعمة

• شعور بالمسؤولية والارتباط الاجتماعي

كيف يتم العلاج؟

خطة العلاج تتضمن مزيجاً من العلاج بالأدوية والعلاج النفسي وهي خاصّة لكل حالة على حدة بناء على عوامل مختلفة مثل نوع الاضطراب، التاريخ المرضي وكيفية الاستجابة للعلاج.
العلاج يخضع للتغيير و التعديل تبعاً لاستجابة المريض و يلزم متابعته لمدة ستة أشهر على الأقل.

1-مضادات الاكتئاب:

تستخدم لاستعادة التوازن الفيزيولوجي و العصبي و تشمل: 

• مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) مثل فلوكستين، باروكستين، سيرترالين، سيتالوبرام، وإسيتالوبرام.

• مثبطات امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs) مثل دولوكستين وفينلافاكسين.

• أدوية تؤثر على السيروتونين والدوبامين (NDRIs) مثل بوبروبيون، وأدوية أقدم مثل ميرتازابين، ترانيلسيبرومين، وفينيلزين.

2-العلاج النفسي:

يختلف العلاج باختلاف الحالة و نوع الاكتئاب و يركز على:

• تعديل قناعات الفرد و التعرف على مصدر الأفكار السلبية.

• يساعد في تعزيز المهارات الموجودة وتوسيعها لمواجهة التحديات الحالية.