اضطرابات المزاج

  • اسم الكاتب

    الفريق الطبي

  • مدة القراءة

    7 د

Image

في العصر الحديث، بدأت الدراسات الطبية والعلمية في القرن التاسع عشر تسلط الضوء على الجوانب البيولوجية والنفسية للاضطرابات المزاجية كالاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب. توصل العلماء بعد إجراء الأبحاث والدراسات إلى أن هناك أسبابًا فسيولوجية ترتبط ببعض أشكال الاكتئاب، وأن هناك عوامل وراثية قد تلعب دورًا في تطوير هذه الاضطرابات. في القرن العشرين، شهد علم النفس والطب النفسي تقدمًا كبيرًا في فهم وتشخيص الاضطرابات المزاجية. تم تطوير العديد من المقاييس النفسية التي تساعد في تحديد مدى شدة الاضطرابات ونوعها، مثل اختبار بيكر للاكتئاب واختبار زونغ للتوتر والاكتئاب [2][3].

وفي الوقت الحالي، ما زال العلماء والباحثون يعملون على فهم أعمق للمسببات الدقيقة للاضطرابات المزاجية وكيفية علاجها بشكل أفضل. وقد شهدت العلاجات النفسية تطورًا كبيرًا، مما يمنح المرضى خيارات أكثر تخصيصًا وفعالية للتعامل مع اضطرابات المزاج. في النهاية، يظل تشخيص اضطرابات المزاج تحديًا يواجه الأطباء والمختصين حتى اليوم، لأن العديد من العوامل يمكن أن تسهم في ظهور هذه الاضطرابات وقد تشترك الأعراض بين العديد من الاضطرابات، مما يجعل تحديد تشخيص دقيق للحالة النفسية أكثر صعوبة، ولكن التطورات الحديثة في مجال البحث الطبي والنفسي تساهم في تحسين فهمنا وعلاجنا لهذه الحالات  [2][3]

الأسباب

تساهم العديد من العوامل في حدوث اضطرابات المزاج. ومن المحتمل أن تكون تقلبات المزاج ناجمة عن خلل في المواد الكيميائية والنواقل العصبية في الدماغ. قد تساهم بعض الأحداث التي يمر بها الأشخاص خلال حياتهم أيضًا في حدوث تقلبات في المزاج [4]. ويمكن أن يؤثر اضطرابات المزاج على أي شخص، بما في ذلك الأطفال والمراهقون والبالغون [1].

ومن الممكن أن تشعر بالحزن أو الاكتئاب في بعض الأحيان وقد يكون الأمر طبيعيًا. ومع ذلك، فإن اضطرابات المزاج تعد أكثر حدة ويصعب التعامل معها وذلك لأنها تختلف عن مشاعر الحزن العادية التي قد تشعر بها. يمكن لأحداث الحياة والتوتر أن تسبب أو تزيد من شعورك بالحزن أو الاكتئاب وتجعل من الصعب السيطرة على مشاعرك. ومن بعض المشاكل التي قد تمر بها وتؤدي لاضطراب المزاج: الطرد من العمل، والطلاق، والمتاعب المالية [4]. 

وقد أظهرت نتائج الأبحاث أن هناك جينات معينة تسبب اضطراب المزاج. كما أشارت الدراسات التي أجريت على الأسر إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لاضطراب المزاج هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات المزاج. كما أن الإصابة باضطراب المزاج لدى أحد الوالدين يزيد من احتمالية  إصابة أطفالهم باضطرابات المزاج [5]. 

 

الأنواع

 تشتمل اضطرابات المزاج على مجموعة من الحالات النفسية التي تتسم بتغيرات مستمرة في المزاج والعواطف. تتنوع هذه الاضطرابات من حيث الأعراض والشدة والتأثير على الحياة اليومية للأفراد. ومن اضطرابات المزاج الأكثر شيوعًا: الاضطراب الاكتئابي واضطراب ثنائي القطب، ولكن هناك أنواع أخرى يمكن أن تؤثر على الأفراد بشكل مماثل وتؤدي إلى حدوث تقلبات في المزاج. ومن أبرز أنواع اضطرابات المزاج ما يلي [4]:

 

·         الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression)

 

قد يشير فقدانك الاهتمام بالأنشطة المعتادة وشعورك بالحزن أو اليأس والذي يستمر لفترة طويلة إلى الإصابة باضطراب الاكتئاب. يمكن أن يسبب الاكتئاب أيضًا مشاكل في التفكير والذاكرة والأكل والنوم. ولكي يتم تشخيصك بالاكتئاب السريري، يجب أن تستمر الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل [1]. وتشمل الأعراض التي قد تشعر بها في حال إصابتك بالاكتئاب ما يلي [6]:

 

1.  مزاج غير مستقر أو حزن مستمر

2.  الشعور باليأس والعجز

3.  تدني احترام الذات

4.  الشعور بالذنب

5.  الشعور بالضيق وعدم التسامح مع الآخرين

6.  عدم وجود دافع أو اهتمام بالأشياء

7.  صعوبة في اتخاذ القرارات

8.  الشعور بالقلق

9.                وجود أفكار انتحارية

 

·         اضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar Disorder)

 

قد تعاني إذا كنت مصابًا باضطراب ثنائي القطب من فترات من الاكتئاب بالتناوب مع فترات من الهوس. ويسبب الاضطراب ثنائي القطب تغيرات شديدة في المزاج ومستويات الطاقة وأنماط التفكير والسلوك [1]. ومن الأعراض التي تشير إلى احتمال إصابتك بالاضطراب ثنائي القطب ما يلي [7]:

 

1.  فترات من الغضب والعدوان

2.  العظمة والثقة الزائدة

3.  سهولة البكاء والحزن المتكرر

4.  الحاجة إلى القليل من النوم للشعور بالراحة

5.  سلوك اندفاعي غير معهود

6.  النكد

7.  الارتباك وعدم الانتباه

 

·         اضطراب الشخصية الحدية (بالإنجليزية: Borderline Personality Disorder)

 

قد تؤثر إصابتك باضطراب الشخصية الحدية على قدرتك على إدارة عواطفك ومشاعرك. يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على المشاعر إلى زيادة الاندفاع، والتأثير على شعورك بتقبل الذات، والتأثير سلبًا على علاقاتك مع الآخرين. وتتوفر العلاجات الفعالة التي يمكن أن تساعدك في إدارة أعراض اضطراب الشخصية الحدية. قد تميل في حال إصابتك باضطراب الشخصية الحدية أيضًا إلى النظر إلى الأشياء بطريقة غريبة ومتطرفة، فقد تشعر مثلًا بأن كل الأشياء جيدة أو كلها سيئة. أيضًا، يمكن أن تتغير اهتماماتك وقيمك سريعًاة، وقد تلاحظ أنك تتصرف باندفاع أو بتهور. وقد تشمل العلامات أو الأعراض الأخرى التي من الممكن أن تشير إلى إصابتك باضطراب الشخصية الحدية ما يلي[8]:

.

1.  العلاقات غير المستقرة مع العائلة والأصدقاء والأحباء.

2.  القيام بسلوكيات متهورة وخطيرة في كثير من الأحيان، مثل الإنفاق المبالغ فيه، والقيادة المتهورة، والشراهة في تناول الطعام.

3.  سلوك إيذاء النفس.

4.  الأفكار المتكررة عن الانتحار

5.  إحساس بالفراغ.

6.  الغضب الشديد أو مشاكل التحكم في الغضب.

7.  عدم الواقعية

 

·         اضطراب المزاج المرتبط بحالة صحية.

 

يمكن أن تؤدي العديد من الأمراض إلى ظهور أعراض تقلب المزاج. أيضًا، يعاني حوالي 25٪ من المرضى في المستشفى من أعراض اكتئاب ملحوظة وحوالي 5٪ يعانون من أعراض اكتئاب شديد. تشمل الحالات الطبية المزمنة المرتبطة بالاكتئاب أمراض القلب والسرطان ونقص الفيتامينات والسكري والتهاب الكبد والملاريا. يعتبر الاكتئاب أيضًا أحد الآثار الشائعة للاضطرابات العصبية، بما في ذلك مرض باركنسون والزهايمر والسكتات الدماغية وأورام الدماغ [9].

 

الأعراض

اعتمادًا على عدة عوامل، مثل العمر ونوع اضطراب المزاج الذي تعاني منه، قد تلاحظ ظهور مجموعة واسعة من الأعراض المحتملة. تشمل الأعراض الشائعة التي قد تشير إلى إصابتك باضطرابات المزاج ما يلي [10]:

 

1.  الشعور المستمر بالحزن أو القلق

2.  الشعور باليأس

3.  عدم تقدير الذات أو الشعور بعدم الكفاءة

4.  فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضلة والهوايات

5.  الشعور بالذنب المفرط

6.  مشاكل النوم

7.  تغيرات في الشهية و/ أو الوزن

8.  انخفاض الطاقة

9.  قلة التركيز وصعوبة اتخاذ القرارات

10.            الانزعاج المتكرر من الصداع و/ أو آلام المعدة

11.            الانفعال والعدوانية

12.             التفكير في الانتحار

 

يتطلب تقييم وتشخيص إصابتك اضطرابات المزاج أخذ تاريخ شامل ومفصل من خلال التحدث إليك أو إلى أحد أفراد أسرتك. وبمجرد استقرار حالتك، سيقوم الطبيب بحفص حالتك النفسية والعقلية. وأثناء التشخيص، قد يلاحظ الطبيب في حال إصابتك باضطراب المزاج، وخاصة الاكتئاب، اتصالًا ضعيفًا بالعين أثناء المقابلة، مع انخفاض صوت ووضوح الكلام وزيادة الوقت الذي تحتاج للقيام برد الفعل [5].

تتداخل أعراض اضطرابات المزاج مع العديد من حالات الصحة العقلية الأخرى، لذلك من المهم إجراء تشخيص دقيق وواضح لحالتك النفسية. يمكن لطبيبك تقييم الأعراض وتوجيهك واختيار الدواء المناسب لعلاج أو تخفيف الأعراض. ولتشخيص اضطرابات المزاج، قد يقوم الطبيب النفسي بما يلي [10]:

·         إجراء فحوصات جسدية لاستثناء الحالات المرضية الأخرى

·         مراجعة التاريخ الطبي والسؤال عن الأعراض وملاحظة العلامات والمؤشرات

·         طلب إجراء فحوصات مخبرية

·         استخدم أدوات الفحص للمساعدة في التشخيص

·         مراجعة إرشادات الجمعية الأمريكية للطب النفسي لتشخيص الحالات الصحية السلوكية

 

العلاج 

تتم معالجة اضطرابات المزاج في المقام الأول من خلال الأدوية وجلسات العلاج النفسي. حتى مع العلاج، من الممكن أن تستمر اضطرابات المزاج طوال العمر أو تختفي ثم تظهر مجددًا في بعض الأحيان. قد يساعدك الحصول على التثقيف حول اضطرابات المزاج في حالة تشخيص إصابتك على التعرف على أنماط السلوك والتفكير التي تشير إلى ظهور اضطراب المزاج والعمل مع الطبيب على تعديل هذه الأنماط السلوكية [11]. 

قد يقوم الطبيب بوصف مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق في حال إصابتك باضطرابات المزاج لتخفيف أعراض الاضطراب. وحتى مع استخدام الأدوية، يوصي معظم الأطباء المرضى بحضور جلسات العلاج النفسي. يركز العلاج النفسي أو العلاج بالكلام على تغيير أنماط التفكير والسلوكيات. وقد وأثبتت الدراسات أن للعلاج بالكلام تأثيرات إيجابية كبيرة، وفي بعض الحالات قد يكون العلاج النفسي بالكلام وحده كافياً لعلاج اضطراب المزاج [11].

 

عادةً ما تتم معالجة بعض اضطرابات المزاج، مثل الاكتئاب ثنائي القطب، بأدوية قد يستمر استخدامها مدى الحياة من مثبتات الحالة المزاجية جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي شدة بعض اضطرابات المزاج إلى دخول المستشفى، خاصة إذا حاول الأفراد المصابون إيذاء أنفسهم أو الآخرين أو كانت لديهم أفكار انتحارية أو قاموا بمحاولات انتحار سابقًا [11].

 وتشمل مثبتات المزاج التي قد يصفها لك طبيبك في حال إصابتك باضطراب المزاج ما يلي:

 

1.  الليثيوم

يستخدم الليثيوم في العلاج طويل الأمد لاضطراب الهوس والاكتئاب بالإضافة إلى الاضطراب ثنائي القطب. ويمكن أيضًا لاستخدام الليثيوم أن يقلل من التفكير بالانتحار [12]. ويمكن أن تشمل الأعراض الجانبية التي قد تلاحظها في حال استخدام الليثيوم ما يلي [13]:

  1. الغثيان

  2. التعب

  3. الإسهال

  4. زيادة الوزن   

 

2.  مضادات النوبات (الأدوية المضادة للصرع)

وتشمل مضادات النوبات التي تستخدم غالبًا كمثبتات المزاج ما يلي [13]:

                                •  كاربامازيبين

الكاربامازيبين هو دواء مضاد للنوبات ومثبت للمزاج يستخدم بشكل أساسي في علاج الصرع والاضطراب ثنائي القطب، بالإضافة إلى ألم العصب الخامس. وتشمل الآثار الجانبية التي قد تشعر بها في حال استخدامك الكاربامازيبين ما يلي [14]:

  1. عدم وضوح الرؤية

  2. الدوخة

  3. اضطراب الجهاز الهضمي

 

  •  حمض الفالبرويك (الفالبروات)

تم إثبات فعالية الفالبروات في علاج الهوس من خلال التجارب، ولكن لا توجد مثل هذه التجارب لفحص فعاليتها في علاج الاكتئاب ثنائي القطب. ويستخدم الفالبروات في علاج حالات تقلب المزاج التي لا تستجيب للعلاج باستخدام الليثيوم. الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا التي قد يسببها استخدامك للفالبروات قد تشمل [13]:

  1. تهيج المعدة

  2. الغثيان

  3. الرعشة

  4. زيادة الشهية

 

  • لاموتريجين

قد يقوم طبيبك بوصف دواء لاموتريجين في حال مقاومتك للعلاجات الأخرى وعدم تحسن الأعراض أو في حال عدم احتمالك العلاجات التقليدية وظهور أعراض جانبية خطيرة عند استخدامها. وتشمل الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا التي قد تصيبك في حال استخدام لاموتريجين [13]:

  1. الصداع

  2. الغثيان

  3. الدوخة

تعتبر اضطرابات المزاج من الحالات النفسية التي تشكل تحديًا كبيرًا للأفراد الذين يعانون منها وللمجتمع بشكل عام. تتراوح هذه الاضطرابات بين فترات من الاكتئاب العميق والحزن الشديد، وفترات من الهوس والاندفاع. إن الأعراض الشديدة والتأثير الذي يمكن أن تتركه الأعراض على حياتك يجعل من الضروري تشخيصها وعلاجها بشكل فعال. ولذلك، ننصحك بزيارة الطبيب بأقرب وقت ممكن في حال ظهور الأعراض واستمرارها، حيث يقوم الطبيب بتشخيص حالتك النفسية ووصف الدواء المناسب لك لعلاج الأعراض أو تخفيفها.

ومن خلال التطورات الحديثة في مجال الطب النفسي والعلوم النفسية، تحسن فهم الأطباء النفسيين لأسباب اضطرابات المزاج وعلاجها. ويمكن أن تكون العلاجات النفسية والدوائية المتوفرة فعالة في إدارة وتخفيف الأعراض التي تعاني منها، مما ينعكس إيجابًا على حياتك وممارستك للنشاطات اليومية.

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

الإكتئاب

الهوس

اضطراب المزاج

اضطراب ثنائي القطب

مثبتات المزاج 

مقالات مقترحة