منذ عام 1780 وحتى عشرينيات القرن التاسع عشر، كان ينظر إلى الهوس باستمرار على أنه اضطراب في التفكير يتجلى في الجنون التام أو حالة الغضب. على مدار الثلاثين عامًا التالية، تغير الإجماع على مفهومة الهوس، وأصبح من المفهوم أن الهوس هو إلى حد كبير اضطراب يتمثل في المزاج المرتفع.
انهار هذا التوافق في الرأي في عام 1860 تقريبًا. وعلى مدى السنوات المتبقية من القرن التاسع عشر، تنافس نموذج الهوس القائم على الحالة المزاجية على الهيمنة مع وجهة النظر القائلة بأن الهوس ينشأ في المقام الأول من العمليات العقلية المتسارعة. لعب علم النفس دورًا مهمًا في هذه المناقشات، حيث قدم إطارًا يمكن من خلاله وضع الاضطراب العقلي الذي يعتبر أساسًا لمتلازمة الهوس. عندما تحولت وجهات النظر بعيدًا عن الهوس باعتباره اضطرابًا أساسيًا، كانت هناك حاجة إلى إيجاد أساليب جديدة لفهم الهوس كأحد أعراض الاضطرابات النفسية. اقترح عدد من الباحثين أن أوهام الهوس يمكن أن تنشأ مباشرة من المزاج المبتهج. يشترك تاريخ الهوس في بعض أوجه التشابه والاختلاف المهمة مع تاريخ الاكتئاب خلال هذه الفترة نفسها. يشير كلا التاريخين إلى أن الفئات النفسية الرئيسية تطورت من خلال عملية معقدة تتضمن ملاحظة الأعراض والعلامات، والتطورات المفاهيمية والنظريات السابقة.
الأسباب
لم يتوصل الباحثون حتى الآن إلى إيجاد أسباب محددة ودقيقة للإصابة بالهوس، ولكن يعتقد أن هناك عدة عوامل تساهم في ظهور أعراض الهوس وتزيد من احتمالية حدوثه. وتختلف الأسباب من شخص لآخر. قد تشمل الأسباب والعوامل ما يلي:
1. تاريخ العائلة. إذا كان أحد أفراد العائلة مصاب بمرض ثنائي القطب، فستكون لديك فرصة متزايدة للإصابة بالهوس. ولكن، قد لا تصاب أبدًا بالهوس حتى لو كان أفراد الأسرة الآخرين مصابين به.
2. خلل في التوازن الكيميائي في الدماغ
3. تأثير جانبي لأحد الأدوية، مثل بعض مضادات الاكتئاب
4. تغيير كبير في حياتك، مثل الطلاق أو تغيير المنزل أو وفاة أحد أفراد أسرتك
5. التعرض لمواقف حياتية صعبة، مثل الصدمة أو سوء المعاملة، أو مشاكل السكن أو المال أو الشعور بالوحدة.
6. ارتفاع مستوى التوتر وعدم القدرة على التحكم به
7. قلة النوم أو حدوث تغيرات في نمط النوم
يمكن أن يحدث الهوس أيضًا كأثر جانبي لبعض مشاكل الصحة العقلية بما في ذلك الاضطراب العاطفي الموسمي، أو ذهان ما بعد الولادة، أو الاضطراب الفصامي العاطفي أو أي حالة جسدية أو عصبية أخرى مثل إصابة الدماغ، أو أورام المخ، أو السكتة الدماغية، أو الخرف.
الأنواع
يتم تصنيف الأنواع الشائعة من الهوس على النحو التالي:
1. هوس الابتهاج: وهي حالة يصفها الكثيرون بأنها نوبات من السعادة، وبأنها فترات مذهلة، وجميلة، ولا تصدق.
2. هوس الانزعاج: هوس الانزعاج هو نبوات تتضمن مزيج من الهوس والاكتئاب. غالبًا ما يصف المصابون هذه النوبات كما لو أنهم انفصلوا عن أجسادهم.
3. الهوس الذهاني: الهوس الذهاني هو حالة يعاني فيها الشخص من الأوهام، وهي أفكار أو معتقدات كاذبة أو الهلوسة، وهي الشعور بأشياء غير موجودة.
4. الهوس الخفيف: نوبة الهوس الخفيف هي تلك التي يعاني فيها الشخص من أعراض مشابهة للهوس ولكن بدرجة أقل.
الأعراض
على الرغم من أن نوبات الهوس قد تحدث بشكل مفاجئ، إلا أن هناك العديد من العلامات والأعراض التي تشير إلى اقتراب حدوثها. وتشمل أعراض نوبة الهوس ما يلي:
1. وجود مستوى مرتفع بشكل غير طبيعي من النشاط أو الطاقة
2. الشعور بالسعادة الشديدة أو الإثارة أو البهجة
3. عدم النوم أو الحصول على بضع ساعات فقط من النوم ولكنك لا تزال تشعر بالراحة
4. تضخم احترام الذات، والتفكير في أنك لا تقهر
5. تكون أكثر ثرثرة من المعتاد. التحدث كثيرًا وبسرعة كبيرة بحيث لا يستطيع الآخرون مقاطعتك.
6. أفكار متسارعة. وجود الكثير من الأفكار حول الكثير من المواضيع في نفس الوقت
7. سهولة تشتت انتباهك بأشياء غير مهمة
8. السلوك المتهور الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج سيئة
9. عدم القدرة على الاستماع إلى الآخرين
10. الإنفاق بما يتجاوز إمكانياتك
على الرغم من وجود اختلافات بين الأطفال والمراهقين والبالغين وكبار السن الذين تظهر عليهم علامات الهوس، إلا أنه يجب الانتباه إلى هذه المؤشرات لمنع تفاقم الأعراض. على الرغم من أن الاضطراب ثنائي القطب يتم تشخيصه غالبًا في أواخر مرحلة المراهقة، إلا أن بعض المرضى قد لا يتم تشخيصهم حتى سن أكبر أو لا يتم تشخيصهم على الإطلاق، وبدلاً من ذلك يقومون بتقبل هذه العلامات كجزء من شخصيتهم. عندما تترك الحالة دون علاج، فمن الممكن أن تلحق الضرر بصحتك وتؤثر على حياتك اليومية وتفاعلك مع الآخرين، مما يجعل من الصعب عليك عيش حياة طبيعية.
كلما كانت العلامات والأعراض أكثر وضوحًا، تكون الحالة أكثر خطورة. على الرغم من أن الكثيرين قد ينكرون وجود هذه الأعراض أو لا يدركون تمامًا ما يحدث، إلا أن الآخرين من حولهم سيلاحظون ذلك. لذلك، من الضروري أن يتم تقييم حالتك من قبل طبيب مختص لتلقي العلاج المناسب للاضطراب وأعراضه.
العلاج
يتم علاج الهوس بالأدوية والعلاج النفسي بالكلام، وغالبًا ما يستخدم العلاجان معًا للسيطرة على الهوس وأعراضه.
· الأدوية
إذا كنت تعاني من الهوس فقط، فقد يصف لك الطبيب أحد الأدوية المصنفة ضمن مضادات الذهان. وتشمل مضادات الذهان ما يلي:
1. أريبرازول
2. لوراسيدون
3. اولانزابين
4. كيتيابين
5. ريسبيريدون
إذا كنت تعاني من الهوس كأحد أعراض اضطرابات المزاج، فقد يقوم الطبيب بوصف أحد الأدوية المصنفة ضمن مثبتات المزاج. تتضمن بعض الأمثلة على مثبتات المزاج ما يلي:
-
الليثيوم
-
الفالبروات
-
الكاربامازيبين
إذا كنت حاملاً أو تخططين للحمل، فأخبري الطبيب قبل استخدام العلاج الموصوف. على سبيل المثال، يمكن أن يزيد فالبروات من فرصة حدوث عيوب خلقية وصعوبات في التعلم ولا ينبغي وصفه للسيدات الحوامل أو الذين يخططون للحمل.
· العلاج النفسي بالكلام
يتضمن العلاج النفسي بالكلام مجموعة متنوعة من طرق العلاج. أثناء العلاج النفسي، ستتحدث مع المعالج النفسي الذي سيساعدك على تحديد العوامل التي قد تسبب الهوس و/أو الاكتئاب لديك والتعامل معها. وتشمل طرق العلاج النفسي بالكلام ما يلي:
1. العلاج السلوكي المعرفي. يمكن أن يكون العلاج السلوكي المعرفي مفيدًا في مساعدتك على تغيير التصورات غير الدقيقة التي لديك عن نفسك وعن العالم من حولك.
2. العلاج الأسري. يعد العلاج الأسري مهمًا لأنه من المفيد جدًا لأفراد عائلتك أن يفهموا سلوكك وما يمكنهم فعله للمساعدة في السيطرة على الأعراض التي تعاني منها.
3. العلاج النفسي ضمن مجموعات. قد تجد أنه من المفيد التحدث مع أشخاص لديهم تجارب صحية ونفسية مماثلة ومشاركة المشكلات والأفكار والاستراتيجيات التي قد تساعد على التكيف مع الأعراض.
· علاجات أخرى
يمكن التفكير في العلاج بالصدمات الكهربائية في حالات نادرة لدى الأشخاص الذين يعانون من الهوس الشديد أو الاكتئاب في حالة الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب. يتضمن العلاج بالصدمات الكهربائية تعريض الدماغ لفترات قصيرة من التيار الكهربائي.
نصائح
على الرغم من أنه لا يمكن منع نوبات الهوس من الحدوث، إلا أنه يمكنك وضع خطة لإدارة الأعراض بشكل أفضل ومنعها من التفاقم عندما تشعر باحتمال بدء نوبة الهوس. تتضمن بعض الخطوات التي يمكنك تجربتها ما يلي:
1. تجنب القيام بالأنشطة والتواجد في البيئات المحفزة لحدوث نوبات الهوس، مثل الأماكن الصاخبة أو المزدحمة أو الأماكن شديدة الإضاءة. بدلًا من ذلك، اختر الأنشطة والبيئات الهادئة والمريحة.
2. التزم بالروتين. اذهب إلى السرير في وقت محدد، حتى لو لم تكن متعبًا. والتزم أيضًا بأوقات تناول الوجبات وتناول الأدوية وممارسة الرياضة.
3. قم بتأجيل اتخاذ أي قرارات حياتية مهمة.
4. تجنب الأشخاص والمواقف التي قد تغريك باتخاذ خيارات سيئة أو محفوفة بالمخاطر.
5. فكر في اختيار شخص ما لإدارة أموالك أثناء نوبة الهوس.
إذا قمت بتطبيق الخطوات التالية ولاحظت استمرار نوبات الهوس وعدم وجود أي تحسن، أو لاحظت ظهور أعراض الهوس لدى الأشخاص المقربين منك، فننصحك باستشارة الطبيب النفسي للحصول على التشخيص الدقيق والتأكد من عدم إصابتك باضطرابات نفسية أو أمراض جسدية. قد يقوم الطبيب بإجراء عدة فحوصات للتأكد من عدم وجود مسببات للهوس تحتاج إلى علاج. سيقوم الطبيب بعد ذلك بوصف العلاج المناسب لحالتك، وقد يتضمن العلاج الأدوية أو العلاج النفسي بالكلام أو قد يقوم الطبيب بوصف العلاجين معًا.
أسئلة وأجوبة
السؤال الأول/ ما معنى كلمة الهوس الخفيف؟
الهوس الخفيف هو فترة من السلوك المفرط النشاط والطاقة العالية والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياتك اليومية. يتضمن الهوس الخفيف نوبات أكثر اعتدالًا من الهوس والذي يستمر عادة لفترة أقصر. عادة ما يستمر الهوس الخفيف بضعة أيام، ويعتبر أقل خطورة من نوبات الهوس.
السؤال الثاني/ هل النوم يعالج الهوس؟
يمكن أن يساعد الحصول على قسط كافٍ من النوم باستمرار في تقليل خطر نوبات الهوس المستقبلية، حيث يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى حدوث نوبات الهوس أو الهوس الخفيف لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب.
السؤال الثالث/ ما هو مرض الهوس بشخص؟
الهوس بشخص هو اضطراب يمكن أن يجعل المصاب يركز على من يحبه كما لو كان شيئًا أو ملكية خاصة. يمكن أن يكون لهذا أسباب عديدة، تتراوح من مشاكل الصحة العقلية إلى الاضطرابات الوهمية. قد يشعر المصاب بامتلاك أفكار وسواسية حول الشخص بالحاجة إلى حمايته. قد يقوم المصاب أيضًا بأفعال تملكية، وقد يشعر بالغيرة الشديدة.
السؤال الرابع/ هل مرض الهوس خطير؟
قد يكون للهوس تأثير كبير على قدرتك على القيام بأنشطتك اليومية المعتادة، حيث يمكن أن يقوم بتعطيلها أو إيقافها تمامًا. يعد الهوس الشديد اضطرابًا خطيرًا للغاية، وغالبًا ما يحتاج إلى العلاج في المستشفى. تستمر نوبات الهوس عادةً لمدة أسبوع أو أكثر، ما لم يتم إيقافها عن طريق العلاج.
السؤال الخامس/ هل الهوس نوع من الجنون؟
تتميز نوبات الهوس بالسلوك الجنوني. معظم الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب يمتلكون طاقة كبيرة في معظم الأوقات. إن الإصابة بهذا المرض العقلي تعني أن الشخص لا يستطيع أبدًا تحمل المسؤولية الحقيقية ولا يمكن الاعتماد عليه خاصة عند الإصابة بنوبات الهوس.