اضطرابات الأكل

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

5 د

Image

في عام 1689، قام طبيب بريطاني بتشخيص حالتين مصابتين باضطرابات الأكل. وتعتبر هذه أقدم حالات المرض الذي نعرفه الآن باسم فقدان الشهية العصبي. وقد بين الطبيب عدم وجود تفسير واضح لفقدان الشهية والهزال وصنفه كاضطراب عصبي. كانت الحالات التالية تم توثيقها بعد حوالي 200 عام. في عام 1873، قام طبيب إنجليزي آخر بوضع مصطلح "فقدان الشهية العصبي" واستخدامه في تقارير الحالة الموثقة. أيضًا، في عام 1873، قام طبيب فرنسي بنشر صفات معينة لأفراد يعانون من "فقدان الشهية العصبي".

على النقيض من فقدان الشهية العصبي الذي تمت ملاحظة وجوده وتشخيص الإصابة به عبر التاريخ، يبدو أن الشره العصبي هو تطور أكثر حداثة. تم وصف الشره العصبي لأول مرة على أنه نوع من مرض فقدان الشهية في عام 1979 من قبل طبيب نفسي بريطاني. كان الاعتقاد شائعًا بأن الشره العصبي هو حالة مرتبطة بالثقافة، حيث لوحظ أن بعض الأباطرة الرومان الأوائل كانوا يأكلون بشكل مفرط ثم يتقيؤون. واختلف بعض الأطباء حول هذا الاعتقاد واقترحوا أن هذا السلوك كان نوعًا مبكرًا من الشره العصبي وليس سلوكًا مرتبطًا بالثقافة.

أما بالنسبة لاضطراب نهم الطعام، فقد تم وصفه لأول مرة في عام 1959 واستخدم لهذا الاضطراب مصطلح "متلازمة الأكل الليلي". وقد حدد الأطباء لاحقًا أن الإفراط في تناول الطعام يمكن أن يحدث في أي وقت وليس ليلًا فقط. وفي عام 1993، نشر طبيبان نفسيان دليلًا للعلاج السلوكي المعرفي لاضطراب نهم الأكل والشره العصبي. وصف هذا الدليل كيف يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يعالج الاضطرابين بفعالية. وأصبح أكثر دليل تمت دراسته واستخدامه لعلاج اضطرابات الأكل.

وقد تم إدراج هذه الاضطرابات الرئيسية الثلاثة في الدليل التشخيصي والإحصائي، وتم قبول فقدان الشهية العصبي على أنه اضطراب نفسي في أواخر القرن التاسع عشر. في عام 1952، تم إدراجه في الطبعة الأولى من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي.

وقد أثبتت الدراسات التاريخية أن فقدان الشهية العصبي موجود منذ قرون وقد تم التعامل معه بطرق مختلفة وفقًا للسياق الاجتماعي والثقافي، في حين يعتقد أن الشره العصبي هو اضطراب أكثر حداثة يتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية، حيث يعتمد الإفراط في تناول الطعام على وجود كميات كبيرة من الأطعمة الصالحة للأكل، لذلك اقتصر وجود هذا النوع من الاضطراب تاريخيًا على الأماكن والفترات التي يكون فيها الطعام متوافرًا بكثرة. و مع مرور الوقت، يستمر فهمنا لهذه الأمراض في التوسع والتطور. وحاليًا، يعلم الأطباء النفسيون أن اضطرابات الأكل هي أمراض معقدة ناتجة عن تفاعل العوامل الوراثية والبيئية. نحن ندرك أن هذه الاضطرابات قد تصيب الناس من جميع الأجناس والأعمار وأوزان وأشكال الجسم والحالات الاجتماعية والاقتصادية.

الأسباب

 

تعتبر اضطرابات الأكل من الأمراض المعقدة للغاية التي ما زلنا لا نفهم تمامًا أسبابها. وهناك العديد من الأمور التي قد تسبب اضطرابات الأكل، بما في ذلك الصحة العقلية، والعوامل الوراثية، والبيئة الاجتماعية. وتختلف الأسباب التي تسبب اضطرابات الأكل من شخص إلى آخر. ومن بعض عوامل الخطر التي قد تكون سببًا في إصابتك باضطرابات الأكل ما يلي [2]:

·         عدم الرضا عن شكل الجسم

·         الضغط الاجتماعي في تفضيل النحافة

·         مشاكل في التأقلم والتعامل مع التوتر

·         التعرض للتنمر

·         مشاكل في العلاقات مع الأصدقاء و/ أو العائلة

·         سوء المعاملة من قبل الآخرين

·         التعرض للإهمال

·         المشاركة في رياضة أو نشاط يركز كثيرًا على الوزن أو الحجم (عرض الأزياء، والباليه، والجمباز، والمصارعة)

·         مرض السكري من النوع الأول

على الرغم من أننا لا نستطيع تحديد جميع أسباب اضطرابات الأكل، فلا يزال بإمكاننا علاجها بفعالية. هناك علاجات قائمة على الأدلة تقلل من أعراض اضطراب الأكل وقد تؤدي إلى التعافي التام. ولذلك، ننصحك بزيارة الطبيب لمعرفة المزيد عن الأنواع المختلفة لعلاج اضطرابات الأكل.

 

الأنواع

 

·         اضطراب فقدان الشهية

يشمل اضطراب فقدان الشهية (بالإنجليزية: Anorexia Nervosa) انخفاض وزن الجسم بشكل غير طبيعي، وخوف شديد من زيادة الوزن، ونظرة غير واقعية للوزن والشكل. غالبًا ما تؤدي إصابتك باضطراب فقدان الشهية إلى بذل جهود كبيرة للتحكم في وزنك وشكلك، والذي غالبًا ما يتعارض بشكل خطير مع صحتك وحياتك اليومية.

وفي حال إصابتك بفقدان الشهية فإنك تقوم بتحديد السعرات الحرارية أو الاستغناء عن أنواع معينة من الأطعمة. وقد تقوم باتباع طرق أخرى لفقدان الوزن، مثل ممارسة الرياضة بشكل مفرط، أو استخدام المسهلات، أو التقيؤ بعد الأكل. يمكن أن يتسبب بذلك جهدًا كبيرًا لإنقاص وزنك في حدوث مشكلات صحية خطيرة.

·         اضطراب الشره المرضي

الشره المرضي (بالإنجليزية: Bulimia Nervosa) هو اضطراب أكل خطير يهدد الحياة في بعض الأحيان. يشمل الشره المرضي نوبات من النهم، تليها عادة نوبات التقيؤ وتفريغ المعدة. يشمل الشره المرضي أحيانًا أيضًا التوقف عن الأكل لفترات من الزمن. هذا غالبًا ما يؤدي إلى تحفيز أقوى للإفراط في تناول الطعام لاحقًا من ثم التقيؤ.

وقد تقوم في حالة إصابتك بالشره المرضي بتناول الطعام بكميات كبيرة جدًا في فترة زمنية قصيرة. وأثناء تناول الطعام بنهم قد لا تكون قادرًا على السيطرة على كمية الطعام الذي تتناوله أو قد لا تكون قادرًا على التوقف. بعد تناول الطعام، قد يسبب شعورك بالذنب أو الخجل أو الخوف الشديد من زيادة الوزن، إلى التقيؤ للتخلص من السعرات الحرارية. ويمكن أيضًا أن تقوم بممارسة الرياضة بشكل مفرط أو عدم تناول الطعام لفترة من الوقت أو استخدام طرق أخرى، مثل تناول أدوية مسهلة. قد يقوم بعض الأشخاص أيضًا بتغيير جرعات الأدوية، مثل تغيير كميات الأنسولين، لمحاولة إنقاص الوزن.

·         اضطراب نهم الطعام

يتضمن اضطراب نهم الطعام تناول كمية كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة. عند قيامك بالإفراط في تناول الطعام، فقد تشعر أنه ليس بإمكانك السيطرة على كمية الطعام الذي تتناوله. ويختلف نهم الطعام عن الشره المرضي، وذلك كون الإفراط في تناول الطعام لا يتبعه التطهير من خلال القيء أو استخدام المسهلات أو غيرها من الطرق للتخلص من السعرات الحرارية. وعند إصابتك بنهم الطعام، قد تلاحظ أنك تقوم بتناول الطعام بشكل أسرع أو تقوم بتناول كمية من الطعام أكثر مما هو مخطط له. حتى في حالة عدم شعورك بالجوع، قد تلاحظ أنك تستمر في تناول الطعام بعد فترة طويلة من الشعور بالشبع.

وقد تلاحظ أنك تشعر بقدر كبير من الذنب أو الاشمئزاز أو الخجل من نفسك بعد تناولك لكميات كبيرة من الطعام، وقد تخشى أيضًا من زيادة الوزن. وقد تحاول الحد من تناول الطعام لفترات من الزمن، مما يؤدي إلى زيادة شعورك بالنهم لاحقًا.

 

الأعراض

 

يمكن أن تعاني في حال إصابتك باضطرابات الأكل من مجموعة متنوعة من الأعراض التي تشمل ما يلي [4]:

·         فقدان الوزن بشكل كبير

·         القلق بشأن تناول الطعام في الأماكن العامة

·         الانشغال بالوزن أو الطعام أو السعرات الحرارية أو جرامات الدهون أو اتباع نظام غذائي معين

·         الإصابة بالإمساك أو آلام البطن

·         الخمول أو الطاقة الزائدة

·         البحث عن أعذار لتجنب وقت الطعام

·         خوف شديد من زيادة الوزن أو السمنة

·         رفض تناول أطعمة معينة

·         إنكار الشعور بالجوع

·         قياس الوزن بشكل مستمر

·         ممارسة الرياضة بشكل مفرط

·         صعوبة في التركيز

·         دوخة أو حدوث إغماء

·         الشعور بالبرد طوال الوقت

·         مشاكل في النوم

·         جفاف الجلد وترقق الأظافر والشعر

·         ضعف العضلات وضعف التئام الجروح

يمكن لاضطرابات الأكل أيضًا أن تسبب تأثيرًا خطرًا على عمل بالقلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم. كما أنها قد تكون مرتبطة بالاكتئاب والقلق وإيذاء النفس والأفكار والسلوكيات الانتحارية.

وقد يقوم الطبيب أثناء تشخيص حالتك بطلب إجراء فحوصات مخبرية، وقد تشير نتائجها إلى إصابتك بفقر الدم أو انخفاض مستويات الغدة الدرقية أو انخفاض مستويات الهرمونات أو انخفاض البوتاسيوم أو انخفاض معدل ضربات القلب. أما إذا استمرت أعراض اضطرابات الأكل لديك ولم تقم بمراجعة طبيبك للحصول على العلاج المناسب والفعال، فمن الممكن أن تصبح المشكلة طويلة الأمد، وفي بعض الحالات، يمكن أن تسبب الوفاة.

 

العلاج

 

تختلف علاجات اضطرابات الأكل حسب نوع الاضطراب وحالة المصاب. لذلك، حتى لو كانت لديك مشكلات في عادات الأكل ولكن لم يتم تشخيصك باضطراب الأكل، يمكن للطبيب مساعدتك في معالجة المشكلات المتعلقة بالطعام وإدارتها. وتشمل العلاجات التي يمكن أن يوصي بها طبيبك ما يلي:

1- العلاج النفسي السلوكي: يمكن للطبيب النفسي تحديد أفضل علاج نفسي لحالتك. يتحسن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل بالعلاج السلوكي. ويساعدك هذا النوع من العلاج على فهم وتغيير أنماط تفكيرك وسلوكك والتحكم بعواطفك.

2- الأدوية: قد تعاني في حال إصابتك بأي من اضطرابات الأكل من حالات أخرى، مثل القلق أو الاكتئاب. يمكن أن يؤدي تناول مضادات الاكتئاب أو الأدوية الأخرى إلى تحسين أعراض اضطرابات الأكل لديك. ونتيجة لذلك، قد تتحسن أفكارك عن نفسك وسلوكياتك في تناول الطعام.

3- الاستشارة الغذائية: يمكن أن يساعدك اختصاصي التغذية الحاصل على تدريب في اضطرابات الأكل في تحسين عادات الأكل ووضع خطط غذائية واقتراح وجبات مغذية.

غالبًا ما يكون أفضل نهج علاجي هو الجمع بين طرق العلاج المختلفة للحصول على علاج شامل لمعالجة الجوانب الجسدية والعقلية والسلوكية لديك والتخلص من أعراض اضطرابات الأكل ومشاكلها.

قد يكون من الصعب التعامل مع اضطراب الأكل أو التغلب عليه بنفسك، وكلما حصلت على العلاج مبكرًا، زادت احتمالية تعافيك بشكل تام. ومن الممكن أيضًا أن تكون لديك مشكلات في سلوكيات الأكل التي تشبه بعض أعراض اضطراب الأكل، لكن الأعراض لا تتوافق مع الإرشادات الخاصة بتشخيص اضطراب الأكل. لكن سلوكيات الأكل هذه يمكن أن تؤثر بشكل خطير على الصحة والرفاهية. ولذلك، إذا كانت لديك مشكلة في سلوكيات الأكل التي تسبب لك الضيق أو تؤثر على حياتك أو صحتك، أو إذا كنت تعتقد أنك مصاب باضطراب في الأكل، فقم باستشارة الطبيب لمعرفة ما إذا كنت مصابًا باضطرابات الأكل وللحصول على العلاج المناسب في أسرع وقت.

 

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

اضطراب الشره المرضي