ما هي الهَلوسة؟
الهَلوسة هي إدراك حسي لأشياء غير موجودة في الواقع مثل سماع أصوات، رؤية أشخاص أو أشكال، أو الإحساس بشيء يلمس الجسد رغم غياب أي مؤثر خارجي حقيقي مسبب لهذا الاحساس.
تبدو هذه التجربة حقيقية للشخص الذي يعيشها، لكنها تعكس خللاً في معالجة الدماغ للمعلومات الحسية.
منذ القرن التاسع عشر بدأ الباحثون بوصف الهَلوسة في سياقات مختلفة مثل الضغط النفسي أو الجسدي. الطبيب الفرنسي ألكسندر جاك دي بواسمونت عام 1845 قدّم وصفًا مفصلًا للحالات المرتبطة بالتركيز أو التأمل أو الاضطرابات النفسية. أما عالم النفس السويسري يوجين بلولر فقد عرّفها بأنها "تصورات بلا محفّز خارجي"، وهو التعريف الأقرب للمفهوم الحالي.
ما هي أنواع الهلاوس؟
الهَلوسة السمعية
هي الأكثر شيوعًا وتتمثل في سماع أصوات أو كلمات لا وجود لها.
مثال: سماع صوت يناديك باسمك بينما لا يوجد أحد حولك.
الهَلوسة البصرية
رؤية أشخاص، أشكال أو أضواء غير موجودة في الواقع.
مثال: رؤية ظل يتحرك في الغرفة بينما تكون وحدك.
الهَلوسة الحسية (اللمسية)
الإحساس بلمس أو حركة على الجلد أو داخل الجسم.
مثال: الشعور بحشرة تزحف على يدك دون وجودها.
الهَلوسة الشمية
شم روائح لا يلاحظها الآخرون.
مثال: شم رائحة دخان أو غاز رغم أن المكان آمن.
الهَلوسة الذوقية
تذوق نكهات غريبة أو غير سارة دون سبب.
مثال: الإحساس بطعم معدني في الفم رغم عدم تناول شيء.
هَلوسة الأشخاص
الإحساس بوجود شخص بجانبك أو خلفك رغم غيابه.
مثال: الشعور أن أحدًا يجلس بجوارك على السرير بينما لا يوجد أحد.
هَلوسة الإدراك العميق
إحساس بحركة الجسم مثل الطفو أو الطيران.
مثال: الإحساس أنك تنجرف في الهواء أثناء جلوسك ساكنًا.
الهَلوسة المرتبطة بالنوم
تحدث عند الانتقال بين النوم واليقظة وتكون غالبًا قصيرة وعابرة.
مثال: رؤية وجوه أو أشكال عند إغماض العين قبل النوم.
ما الذي يسبب الهَلوسة؟
تحدث الهَلوسة نتيجة خلل في معالجة الدماغ للمعلومات الحسية.
في الوضع الطبيعي، يدمج الدماغ الإشارات القادمة من الحواس الخمس ليعكس صورة واقعية عن البيئة المحيطة.
لكن عند حدوث اضطراب في هذه العملية سواء بسبب مرض نفسي، عصبي، أو عامل جسدي مؤقت ، يبدأ الدماغ بإنتاج تجارب حسية داخلية يفسرها الشخص وكأنها حقيقة خارجية.
و قد تكون نتيجة مشكلة مؤقتة
مثل
-
الحمى، خاصة عند الأطفال وكبار السن.
-
الجفاف أو الحرمان من النوم.
-
الألم الحاد أو الحزن الشديد.
-
العدوى (مثل عدوى المسالك البولية عند كبار السن).
-
تأثير التخدير بعد العمليات.
هذه الحالات غالبًا عابرة وتزول بعلاج السبب.
و قد تكون عرضاً لاضطراب نفسي و ذهني
مثل
-
الفصام والاضطرابات الذهانية المرتبطة به.
-
الاضطراب الفصامي العاطفي أو الذهاني القصير.
-
الاضطراب ثنائي القطب أثناء نوبات الهوس أو الاكتئاب الشديد.
-
الاكتئاب الذهاني المصحوب بالهلوسة أو الأوهام.
و قد تكون نتيجة مرض عصبي
مثل:
-
مرض باركنسون (يصيب 20–40% من المرضى بالهلوسة).
-
مرض ألزهايمر (13% من المرضى).
-
أورام الدماغ، الفشل الكبدي أو الكلوي، وأمراض عصبية أخرى.
ما هي أعراض الهَلوسة؟
بشكل عام، تتمثل الهَلوسة في إدراك حسي لشيء غير موجود في الواقع. قد تكون على شكل أصوات، صور، روائح، مذاقات، أو أحاسيس جسدية يختبرها الشخص وكأنها حقيقية. أحيانًا يكون المصاب واعيًا بأن التجربة غير واقعية، وأحيانًا يقتنع تمامًا بوجودها. هذا قد يسبب ارتباكًا، قلقًا أو خوفًا شديدًا.
و قد يلاحظ من حول المريض الأعراض التالية:
-
حديث الشخص مع أصوات أو أشخاص لا يراهم الآخرون.
-
ردود فعل مبالغ فيها أو خوف من شيء غير موجود.
-
حركات أو سلوكيات غير مفسرة مثل الالتفات المستمر أو محاولة طرد شيء غير مرئي.
-
انعزال اجتماعي أو توتر واضح بسبب الانشغال بالهَلوسة.
كيف يتم تشخيص الهَلوسة؟
تشخيص الهَلوسة يبدأ من وصف الشخص نفسه للأعراض أو من ملاحظات المحيطين به لسلوك غير معتاد. بعد ذلك، يجمع الطبيب أو الأخصائي النفسي تاريخًا طبيًا ونفسيًا مفصلًا يشمل متى بدأت الهَلوسة، نوعها، وتكرارها، وكذلك ما إذا كانت مرتبطة بالنوم، بالأدوية، أو بحالة مرضية أخرى.
يقوم الطبيب أيضًا بإجراء فحص سريري للتأكد من عدم وجود أسباب جسدية مثل الحمى أو الجفاف. في بعض الحالات، قد يوصي بإجراء فحوص إضافية مثل:
-
تخطيط كهربائي للدماغ (EEG) لاستبعاد نوبات صرع أو نشاط دماغي غير طبيعي.
-
التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية إذا كان هناك شك في أورام أو إصابات دماغية.
-
دراسة النوم إذا كانت الهَلوسة مرتبطة باضطرابات النوم.
الهدف من التشخيص ليس فقط تأكيد وجود الهَلوسة، بل تحديد السبب الكامن — سواء كان اضطرابًا نفسيًا مثل الفصام أو ثنائي القطب، أو مرضًا عصبيًا أو حالة جسدية مؤقتة
ما هو علاج الهَلوسة؟
يعتمد علاج الهَلوسة على السبب الكامن وراءها، لذلك يبدأ الطبيب دائمًا بتحديد وتشخيص الحالة الأساسية.
العلاج الدوائي
مضادات الذهان:
تُستخدم في حالات الفصام والاضطرابات الذهانية لتقليل أو إيقاف الهَلوسة.
الأدوية الخاصة بالحالات العصبية:
مثل مرض باركنسون أو ألزهايمر، حيث قد تُستخدم أدوية مخصصة لتقليل الأعراض أو تعديل العلاج الدوائي المسبب للهَلوسة.
الأدوية الموجهة لعلاج السبب المؤقت:
مثل معالجة العدوى، خفض الحمى، أو تعديل أدوية تسبب الهَلوسة كعرض جانبي.
العلاج النفسي
العلاج بالكلام (Psychotherapy):
يساعد المريض على فهم طبيعة الهَلوسة والتعامل مع الخوف أو القلق الناتج عنها.
العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
يُستخدم لمساعدة المرضى على التمييز بين الواقع والتجربة الهلوسية، والتقليل من تأثيرها على حياتهم اليومية.
متى يجب طلب المساعدة؟
-
إذا تكررت الهَلوسة وأثرت على الحياة اليومية أو النوم.
-
إذا ترافق معها خطر على النفس أو الآخرين.
-
إذا ظهرت بعد مرض عصبي أو دواء جديد.
-
إذا ارتبطت بأعراض أخرى مثل فقدان الذاكرة، الارتباك أو تغير المزاج.