الاضطرابات المتعلقة بالصدمة لدى الأطفال

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

3 د

Image


مرحلة الطفولة مرحلة أساسية وحساسة في بناء شخصية الإنسان و تشكيل المعتقدات الأولية التي يواجه بها العالم من حوله، بنيت الكثير من النظريات حول مراحل نمو الإنسان الأولى على مستوى الشخصية، الجهاز العصبي، و التفاعل مع المحيط والمجتمع من حوله و برغم تباينها إلا أنها اتفقت على تأثير صدمات الطفولة الأولى على تكوين الإنسان النفسي حتى بعد البلوغ.

ما هي المواقف التي قد تصنف كصدمة خلال مرحلة الطفولة؟

 

الصدمة تُعرّف على أنها أي موقف يهدد الطفل جسدياً و معنوياً و يؤثر على قابليته في التأقلم مع محيطه، هذه الصدمات لها 3 عوامل أساسية:

  1. الموقف: التجربة الصادمة في حد ذاتها التي قد تكون على شكل تعنيف، تهديد أو إهمال.

  2. التجربة: و هي ما يدور في خُلد الطفل خلال الموقف الصادم، مشاعر القلق، انعدام السيطرة، وقلة الحيلة.

  3. الأثر: كيف أثّر الموقف الصادم على الطفل و نظرته للعالم من حوله، قد تكون النتيجة على شكل اضطرابات نفسية (قلق،اكتئاب،والاضطرابات المتعلقة بالصدمة) أو سلوك عدواني متمرد.

يُطلق على التجارب المماثلة إسم "تجارب الطفولة السلبية" Adverse childhood experiences  و تشمل:

  1. العنف الأسري

  2. الإهمال من قبل الوالدين

  3. فقدان الاستقرار

  4. الاعتداء الجسدي والجنسي

  5. كون الطفل شاهد على حوادث  صادمة داخل أو خارج المنزل

 

ما هي الأعراض التي تظهر على الطفل كنتيجة لهذه التجارب؟

أعراض الاضطرابات الشائعة من اكتئاب، قلق و كرب ما بعد الصدمة قد تختلف بشكل أساسي بناء على المرحلة العمرية، إليك بعض الأمثلة على تباين الأعراض خلال فترة الطفولة

 

في سن ما قبل المدرسة :

  1. قد يعود الطفل لتصرفات و عادات رجعية كمص الإبهام أو التبول اللاإرادي 

  2. كوابيس قد لا يستطيع التعبير عنها و لكن تظهر على شكل نوم متقطع و اضطرابات في النوم 

  3. خوف و قلق مستمر

  4. قلق الانفصال 

  5. ردة فعل مبالغ فيها للمؤثرات المرتبطة بالصدمة

  6. تأخر في النطق و النمو الإدراكي

  7. خلل في تكوين الارتباطات الاجتماعية اما على شكل تجنب للأخرين أو تعلق مبالغ فيه (اضطراب المشاركة الاجتماعية و اضطراب التعلق التفاعلي)

في سن المدرسة الابتدائية:

  1. أفكار و تذكّر لاإرادي للأحداث

  2. إعادة تمثيل الأحداث خلال اللعب أو الرسم

  3. مشاكل في التركيز

  4. ضعف المشاركة الاجتماعية

  5. الانسحاب من المحيط

  6. ضعف الأداء الدراسي والمشاركة في الصف

  7. أعراض جسدية كالصداع وآلام البطن غير مفسّرة

  8. اضطرابات الطعام

  9. تصرفات خطيرة

 

هذه الأعراض قد تستمر مع الطفل حتى بعد البلوغ ان لم يتم علاجها و قد تظهر على شكل :

  1. مشاكل الادمان

  2. مشاكل في العلاقات العاطفية و الاجتماعية

  3. عدائية و فقدان الثقة في الآخرين

  4. عدم القدرة على التركيز ومشاكل في الذاكرة

  5. تقلب في المزاج

 

كيف تظهر الاضطرابات المتعلقة بالصدمات عند الأطفال؟

آثار الصدمة على الطفل تأخذ شكلا مختلفاً عنه عند البالغين، فبعض الاضطرابات المرتبطة بالصدمات هي حكر على الأطفال فقط مثل:

  1. اضطراب التعلق التفاعلي

  2. اضطراب المشاركة الاجتماعية

وكلاهما يمثل شكلا متطرفاً من أشكال تكوين الروابط الاجتماعية و التعلق بالوالدين بناءً على صدمة خلال سنوات الطفولة المبكرة حدثت نتيجة تعذّر تكوين رابطة صحية مع الوالدين.

و يُرى بشكل أساسي لدى الأطفال في دور الرعاية، الأيتام المتنقلين بين أولياء أمور مختلفين، و أطفال الأسر المعنّْفة و أولياء الأمور أصحاب الاضطرابات النفسية أو مشاكل الادمان.

 

أو قد يطوّر الطفل ذات الاضطراب الذي يتم تشخيصه عند البالغين و لكن بأعراض مختلفة مثل :

  1. اضطراب التكيّف : و يظهر على شكل أعراض تمرد على القوانين و سلوكيات خطيرة تعكس سخطه على المجتمع من حوله.

  2. اضطراب كرب ما بعد الصدمة و الاجهاد الحاد : و قد تظهر الأعراض على شكل تصرفات عنيفة، عودة لعادات رجعية مرتبطة بمرحلة عمرية أصغر، اضطرابات في النوم و عدائية تجاه الأسرة والأقران.



كيف تُعالج هذه الاضطرابات؟

 

يحتاج الطفل لتدخل فوري من قبل مختص للحد من الآثار السلبية التي قد تسببها الصدمة على حياته الحالية و المستقبلية.

يقوم المختص بوضع خطة للعلاج مُفصّلة بشكل فردي لحالة الطفل المريض و قد تتضمن مزيجاً من:

  • العلاج النفسي والأسري:

يعمل المختص على تنمية قدرات الطفل على التكيف ، حل المشاكل و التعبير عن الذات خلال جلسات العلاج باللعب أو العلاج السلوكي، يعمل أيضا على تصحيح وبناء روابط صحية بين الطفل والأهل خلال جلسات العلاج الأسري.


  • الأدوية النفسية:


قد تكون الأدوية النفسية ضرورية للتعامل مع بعض الأعراض و يقوم المختص بمتابعة رد فعل الطفل على هذه الأدوية للوصول للعلاج الأمثل.



كيف أساعد طفلاً كان قد تعرض لصدمة؟ 

  • وفّر له مساحة آمنة للتعبير عن نفسه

من المهم توفير بيئة داعمة للطفل تُشْعره بالأمان إذا ما احتاج طلب المساعدة أو التحدث عن شيء سيء حصل معه، يتم تغذية هذا الاعتقاد قبل التعرض للصدمة بأن يُشجّع الأهل الطفل على التعبير عن نفسه بحرية و الحديث عن أحداث يومه بدون ردة فعل مبالغ فيها أو تعليقات سلبية.

يقوم الوالدان أيضاً بتكرير جُملة " يمكنك إخبارنا بأي شيء حصل معك" و التشجيع على الصراحة بين الطفل و الأهل.

  • أشعره بأن مشاعره وتجاربه مهمة

لا تتجاهل مشاعر الطفل على أنها "دلع أطفال" ولا تخبره بأن مشاكله غير مهمة فبالنسبة لطفل في الحضانة قد يكون ضياع دبدوب لعبة حدثاً مأساوياً بالنسبة لعمره و تجربته المحدودة في الحياة، بل و قد تكون أول درس في معنى الفقد و التكيّف مع التغيير.
ولذلك من المهم أن لا نحكم على تجارب الأطفال من وجهة نظرنا نحن كبالغين بل أن نضع أنفسنا في مستوى هذا الطفل و نحاول تفهّم ما قد تعني هذه التجربة لشخص في مرحلته العمرية.

  • أنصت بانتباه

استمع لما يقول بتركيز بدون محاولة التفكير في كيفية الرد عليه، تجنّب الردود المعلبة و النصائح المحفوظة و استبدلها بأسئلة تتيح للطفل التعبير عن نفسه بشكل أفضل.

  • إعمل على بناء روتين يمكن توقّعه من قبل الطفل


بالنسبة للطفل في هذه السن الحرجة فإن القدرة على توقع مجريات اليوم كأن يعلم أن طعامه يقدم في ساعة معينة، و وجود طقوس عائلية منتظمة حول هذه الفعاليات اليومية يساعده على تنمية الشعور بالثقة والاستقرار.

  • دعه يشعر بأن له القرار

التعرض لصدمة يترافق مع مشاعر قلة الحيلة وانعدام السيطرة على المحيط و لذلك من المهم متى سمحت الظروف بأن تشجع الطفل على اتخاذ قراراته بنفسه و المشاركة في القرارات ذات التأثير على حياته، بدأ من اختيار ملابسه وانتهاء باختيار ما إن رغب في الانتقال من مدرسة معينة.

  • شجعه على التعبير عن نفسه

و ذلك عن طريق الكتابة، الرسم أو الموسيقى و غيرها من طرق التعبير الإيجابي.

  • حاول حمايته من التعرض للحافز السلبي

حاول الابتعاد عن الأماكن و الأشخاص الذين يثيرون مشاعر سلبية متعلقة بالصدمة لدى الطفل متى أمكن.

  • إعرضه على مختص

من المهم عرض الطفل على متخصص لتلافي تطور الأعراض و تأثيرها عليه بعد البلوغ.

  • اعتن بنفسك 

واجبك كولي رعاية الطفل لا ينحصر في تقديم الرعاية للطفل فحسب بل يتضمن الاعتناء بصحتك الجسدية والنفسية لكي تستطيع تقديم واجب الرعاية لغيرك بشكل أمثل.

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

القلق

التوتر

اضطراب التعلق التفاعلي

اضطراب المشاركة الاجتماعية

اضطراب التكيف

اضطراب الإجهاد الحاد

اضطراب ما بعد الصدمة