أدوية الاضطرابات النفسية

اسم الكاتب

الفريق الطبي

مدة القراءة

7 د

Image

تعد الأدوية المستخدمة في علاج الاضطرابات النفسية من بين أهم طرق العلاج المتاحة لإدارة الاضطرابات النفسية والعقلية وتخفيف الأعراض المصاحبة لها. وتشير مراجعة تاريخ تطور أدوية الاضطرابات النفسية إلى أن استخدام المواد التي تؤثر على العقل بدأ منذ فترة طويلة قبل ظهور الطب النفسي.

بدأ التاريخ الحديث لأدوية الاضطرابات النفسية في عام 1950 عندما قام العلماء بتركيب دواء الكلوربرومازين، ففي الخمسينيات من القرن الماضي، ساعدت الدراسات في توفير علاجات أفضل للاضطرابات النفسية، حيث لاحظ العلماء الفرنسيون أن مضاد الهيستامين كلوربرومازين يمكن أن يعالج الاضطرابات الذهانية بشكل فعال، وقد أتاح استخدام الكلوربرومازين للمصابين باضطرابات نفسية والموجودين في المصحات العقلية بإعادة الاندماج في المجتمع وممارسة حياتهم بشكل طبيعي مرة أخرى. ومع التقدم في هذا المجال، اكتشف العلماء أن الارتفاع في مستويات الناقلات العصبية، مثل السيروتونين والدوبامين والنورادرينالين مرتبط بتحسن أعراض الاكتئاب لدى المرضى. وحتى الآن، لا زال استخدام الأدوية التي تعمل على استهداف هذه الناقلات العصبية شائعًا لعلاج أعراض الاضطرابات النفسية [4]. وتساعد معرفة المزيد من المعلومات عن أسباب الاضطرابات النفسية المختلفة على تطوير أدوية فعالة وآمنة لعلاج هذه الاضطرابات، وستستمر الأدوية والعلاجات بالتطور تبعًا للتطورات العلمية والبحثية [5].

 

الأدوية النفسية

هناك العديد من الأدوية المتاحة لعلاج الاضطرابات النفسية، والتي تندرج ضمن مجموعة من الفئات. وتعد أكثر فئات الأدوية المستخدمة في علاج الاضطرابات النفسية شيوعًا: مضادات الاكتئاب ومزيلات القلق ومضادات الذهان ومثبتات المزاج والمنشطات.

1.مضادات الاكتئاب

 تستخدم مضادات الاكتئاب في الغالب لعلاج حالات الاكتئاب والقلق. ويمكن أن تساعد في تخفيف أو معالجة الأعراض المصاحبة للاكتئاب أو الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل الحزن: واليأس وصعوبة التركيز والأفكار الانتحارية [6]. وتندرج العديد من الأدوية الشائعة لعلاج الاكتئاب ضمن مجموعات الأدوية التالية [7]:

  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. هي أكثر أنواع مضادات الاكتئاب شيوعًا، ويتم تفضيلها عادةً على مضادات الاكتئاب الأخرى، لأنها تسبب أعراضًا جانبية أقل. وتشمل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية: فلوكسيتين وسيتالوبرام وإسيتالومبرام وباروكستين وسيرترالين.

  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورابينفرين. تم تصميم هذه المثبطات لتكون مضادات اكتئاب أكثر فعالية من مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. ومع ذلك، فإن الدليل على أنها أكثر فعالية في علاج الاكتئاب غير مؤكد. قد يستجيب بعض الأشخاص بشكل أفضل لمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورابينفرين، بينما يستجيب البعض الآخر بشكل أفضل لمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. وتشمل هذه المثبطات: دولوكستين وفينلافاكسين.

  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات. و هي نوع أقدم من مضادات الاكتئاب التي للم يعد ينصح بها كعلاج أول للاكتئاب كونها تسبب أعراضًا جانبية مزعجة أكثر من باقي مضادات الاكتئاب المستخدمة. قد تستخدم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أحيانًا للأشخاص المصابين بالاكتئاب الشديد الذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى. تشمل أمثلة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أميتريبتيلين وكلوميبرامين ودوسوليبين وإيميبرامين ولوفيبرامين ونورتريبتيلين.

  • مثبطات الأكسيداز أحادي الأمين. وهو نوع أقدم من مضادات الاكتئاب التي نادرًا ما تستخدم في الوقت الحاضر كونها يمكن أن تسبب أعراضًا جانبية خطيرة. من أمثلة مثبطات الأكسيداز أحادي الأمين: ترانيلسيبرومين وفينيلزين وإيزوكاربوكسازيد.

 لا يعتبر الأطباء عمومًا أن مضادات الاكتئاب تسبب الإدمان، ولكن يمكن لمضادات الاكتئاب أن تسبب لك أعراضًا انسحابية في حال قيامك بإيقاف أو تقليل استخدام مضادات الاكتئاب بشكل مفاجئ ودون استشارة طبيبك، وغالبًا ما يعاني الأشخاص الذين يتوقفون فجأة عن تناول مضادات الاكتئاب من أعراض الانسحاب، مثل: الغثيان وارتعاش اليدين والاكتئاب [8].

 

2.مزيلات القلق

 

 تستخدم هذه الأدوية لعلاج أعراض اضطرابات القلق أو تخفيفها، مثل: اضطراب القلق العام أو الهلع. وقد تساعدك مزيلات القلق سريعة المفعول في تخفيف تأثير أعراض القلق عند استخدامها لفترة محددة وقصيرة، ولكن من الممكن أن تسبب مزيلات القلق الإدمان إذا ما استخدمت لفترة طويلة أو عند إساءة استخدامها [6]. وتشتمل مزيلات القلق على مجموعات الأدوية التالية:

  •  البنزوديازيبينات. وهي مزيلات القلق الأكثر شيوعًا، حيث أنها من الممكن أن تساعد في تقليل القلق وتسهيل النوم، وهي أكثر الأدوية لعلاج الاضطرابات النفسية الموصوفة على نطاق واسع في العالم. وعند استخدامها بشكل مناسب تبعًا لنصائح الطبيب فإن البنزوديازيبينات هي أدوية آمنة وفعالة، ولكن في حال إساءة استخدامها، من الممكن أن تسبب الإدمان [4].

  • الأزابيرونات.  تستخدم الأزابيرونات لعلاج أعراض القلق، ولكنها تعتبر أقل فاعلية وشيوعًا من البنزوديازيبينات، ولذلك يمكن استخدامها كعلاج مساعد مع علاجات أخرى [5].

  •  حاصرات مستقبلات بيتا. تستخدم للأشخاص الذين يعانون من القلق من التحدث أمام الجمهور. ويعتبر استخدام حاصرات مستقبلات بيتا لعلاج أعراض القلق استخدامًا بدون تصريح (بالإنجليزية: Off-label use)، وهذا يعني أنه ليس الغرض منها أن تستخدم لعلاج أعراض القلق، ولكن من الممكن وصفها لهذا الاستخدام [6].

3.مثبتات المزاج

 

تستخدم مثبتات المزاج عادة لعلاج الاضطرابات ثنائية القطب، والتي تتضمن نوبات من الهوس والاكتئاب. تستخدم مثبتات المزاج أيضًا مع مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب [6]. ومن الأمثلة على مثبتات المزاج:

  •  الليثيوم. يستخدم الليثيوم في العلاج طويل الأمد لاضطراب الهوس. ويمكن أن يساعد في تقليل عدد المرات حدوث النوبات وشدتها. كما يمكن لليثيوم أن يقلل من التفكير بالانتحار [9]. قد يتم استخدام الليثيوم مع أدوية أخرى لعلاج اضطراب ثنائي القطب.

  •  مضادات النوبات. وقد تم تطوير مضادات النوبات لعلاج نوبات الصرع، ولكن يمكن استخدامها لعلاج أعراض تقلبات المزاج.

ومن المعروف أن مثبتات المزاج لا تسبب الإدمان، ولكن عند تناولها لمدة طويلة تتراوح بين شهور أو سنوات ثم التوقف عن تناول الجرعة، خاصة في حال التوقف المفاجئ للاستخدام، فقد يؤدي عدم تناول الدواء إلى عودة الأعراض [10].  

 

4.مضادات الذهان

 

تستخدم مضادات الذهان عادةً لعلاج الاضطرابات الذهانية، مثل الفصام، كما يمكن استخدامها لعلاج الاضطرابات ثنائية القطب أو استخدامها مع مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب [6]. وفي حال استخدام مضادات الذهان، قد يقوم الطبيب بإجراء فحوصات وتحاليل دم منتظمة للتحقق من ظهور الأعراض الجانبية والتحقق من الصحة العقلية والبدنية [3]. تعمل مضادات الذهان على منع أو تقليل الأفكار المخيفة، وتحسن من القدرة على التفكير بالأمور بوضوح وعقلانية [11]. وهناك نوعان رئيسيان من الأدوية المضادة للذهان [1]:

  •  مضادات الذهان من الجيل الأول "مضادات الذهان التقليدية"، وهذه هي أول الأدوية التي تم تطويرها لعلاج الذهان. ولا يتم استخدام معظمها بشكل شائع لعلاج الذهان في وقتنا الحاضر.

  • مضادات الذهان من الجيل الثاني "مضادات الذهان غير التقليدية"، وهي الأدوية الرئيسية المستخدمة لعلاج الذهان في وقتنا الحاضر، وذلك يعود لكونها تسبب أعراض جانبية أقل مقارنة بمضادات الذهان من الجيل الأول.

لا تسبب مضادات الذهان إدمانًا عند استخدامها، ولكن من الممكن أن يعتاد الجسم عليها، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض انسحابية في حال التوقف عن استخدامها بشكل مفاجئ. وتعتمد الأعراض الانسحابية على نوع مضاد الذهان المستخدم، ولكن من غير المحتمل أن تسبب مضادات الذهان أعراض انسحابية كبيرة لا يمكن السيطرة عليها [12].

 

5.المنشطات

 

تعمل المنشطات كعلاجات مهدئة وتقوم بزيادة التركيز والانتباه لدى كل من الأطفال والبالغين عند استخدامها. وتساعد المنشطات على تحسين قدرة الشخص على اتباع التعليمات وتقليل فرط النشاط والاندفاع [11]. قد يقوم الطبيب بوصف المنشطات لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والنوم القهري. يمكن للمنشطات أيضًا أن تعمل على رفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتنفس [13].  وتنقسم المنشطات من حيث مفعولها إلى نوعين [14]:

  •  منشطات قصيرة المفعول. عادة ما تؤخذ هذه المنشطات حسب الحاجة، ويمكن أن يستمر مفعولها لمدة تصل إلى أربع ساعات. ومن الأمثلة على المنشطات قصيرة المفعول: الميثيلفينيديت قصير المفعول والأمفيتامينات قصيرة المفعول.

  •  منشطات متوسطة المفعول أو طويلة المفعول. عادة ما تؤخذ هذه المنشطات مرة واحدة في الصباح كل يوم، ويستمر مفعول بعضها من ست إلى ثماني ساعات بينما يستمر مفعول البعض الآخر لمدة تصل إلى 16 ساعة. ويقلل هذا النوع من المنشطات من الحاجة إلى جرعات إضافية في المدرسة أو أثناء العمل.ومن الأمثلة على المنشطات طويلة المفعول: الميثيلفينيديت قصير المفعول والأمفيتامينات قصيرة المفعول.

يشعر بعض الأشخاص بالقلق من الأدوية المنشطة لاعتقادهم بأنها قد تؤدي إلى سوء الاستخدام أو الإدمان، ولكن الأدلة تشير إلى أن استخدام المنشطات على النحو الموصوف وتبعًا لتعليمات الطبيب لا يؤدي إلى الإدمان [13].

 

 الأعراض الجانبية

هناك العديد من الأعراض الجانبية الشائعة التي قد تلاحظها عند تناولك لأدوية الاضطرابات النفسية، ويتشابه بعضها لدى فئات الأدوية المختلفة لعلاج الاضطرابات. وقد يقوم طبيبك بالعديد من الإجراءات للتخفيف من تأثير الأعراض الجانبية عليك، كتغيير الجرعة أو تغيير وقت تناول الدواء أو طريقة تناوله.  وتختلف استجابات المرضى للأدوية كما يختلف ظهور الأعراض الجانبية من شخص إلى آخر، ولذلك لا توجد وصفة طبية أو جرعة واحدة تناسب جميع المرضى [15]. ويعد أكثر الأعراض الجانبية للأدوية المستخدمة في علاج الاضطرابات النفسية شيوعًا ما يلي [16]:

 1.  الصداع

2.  زيادة الوزن

3.  الدوار

4. التشنجات العضلية

5.  الغثيان

6.  الإمساك

7.  النعاس أو مشاكل النوم.

وننصحك بإخبار الطبيب في حال ظهور أي من هذه الأعراض أو أي أعراض أخرى لم تكن موجودة لديك قبل تناول الدواء.

قد يكون لبعض الأدوية المستخدمة في علاج الاضطرابات النفسية تأثيرات أخرى، خاصة إذا تناولها المريض لفترة طويلة. على سبيل المثال، قد تسبب مزيلات القلق الإدمان والاكتئاب، وقد يلاحظ المريض أو المقربون منه تغيرًا في شخصيته وحالته المزاجية [16]. ويمكنك تجنب أو تقليل حدوث الآثار الجانبية عند استخدام الأدوية النفسية من خلال اتباعك النصائح التالية [17]:

1.      تجنب القيادة أو القيام بنشاطات تحتاج للتركيز والانتباه إذا كانت الأدوية الموصوفة لك تسبب التعب أو النعاس.

2.      تجنب التوقف المفاجئ عن استخدام الدواء دون استشارة طبيبك.

3.      في حال ملاحظة حصول تحسس، مثل: الحمى أو ظهور الطفح الجلدي، ننصحك بالاتصال بطبيبك في أقرب وقت ممكن، لاتخاذ الإجراء المناسب.

قد يستغرق اختيار الدواء المناسب لعلاج الاضطراب النفسي عدة محاولات للعثور على الدواء الأكثر فاعلية والذي يسبب أقل أعراض جانبية. في بعض الحالات، قد تقوم باستخدام أحد الأدوية وتشعر بتحسن في الأعراض لبعض الوقت، ثم تعود الأعراض مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، قد يستغرق الدواء بعض الوقت حتى تظهر فاعليته في علاج أعراض الاضطراب النفسي، لذلك من المهم أن تلتزم بخطة العلاج وتتناول الدواء على النحو الموصوف من قبل طبيبك [18].

شارك المقالة

مقالات مقترحة

الكلمات المفتاحية

أدوية نفسية

اضطرابات نفسية

تاريخ الأدوية النفسية

أعراض جانبية

علاج نفسي