ما هو الشعور المفرط بالذنب؟
الجميع يشعر بالذنب في مواقف معينة. لكن عندما يتحول هذا الإحساس إلى شعور دائم وغير منطقي، يرافقه توتر مستمر وانسحاب من العلاقات الاجتماعية، فقد نكون أمام ما يُعرف بـ"عقدة الذنب"، وهي عرض نفسي قد يرتبط بعدة اضطرابات عقلية ويؤثر بشكل واضح على جودة الحياة.
“عقدة الذنب “هي حالة يشعر فيها الشخص بأنه قد ارتكب خطأ ما، أو سيقوم بارتكاب خطأ، سواء كان ذلك حقيقيًا أو متخيلاً. قد يتولد هذا الإحساس نتيجة موقف معين، أو يظهر بشكل مستمر دون سبب منطقي.
رغم أن الشعور بالذنب ليس اضطرابًا نفسيًا مستقلاً ،
إلا أنه يُعد من الأعراض البارزة في عدة اضطرابات نفسية مثل:
الاكتئاب،
واضطراب الوسواس القهري،
واضطراب ما بعد الصدمة.
ما الفرق بين الذنب و العار؟
الذنب هو أن تفعل شيئاً سيئا فتشعر بالسوء تجاه سلوكك السيء
العار هو أن تفعل شيئاً سيئا فتعتقد بأنك شخص سيء
غالبًا ما يترافق الذنب المرضي مع الشعور بالعار، مما يزيد من العزلة وتدني احترام الذات.
ما هي أنواع مشاعر الذنب؟
تتنوع أشكال الذنب من طبيعية و مرضية، وتشمل:
-
الذنب الطبيعي:
يحدث عندما يرتكب الشخص فعلًا خاطئًا ويشعر بالندم. هذا النوع يعتبر صحيًا ومحفّزًا للتغيير أو الاعتذار. -
الذنب المرضي :
شعور بالذنب تجاه أحداث لم يكن للشخص أي سيطرة عليها. مثلًا: الشعور بالذنب لأنك لم تتوقع كارثة أو لم تمنعها. -
الذنب المرتبط بالأفكار :
الشعور بالذنب لمجرد وجود أفكار غير مقبولة أو مزعجة، حتى لو لم تُترجم إلى أفعال. -
الذنب الوجودي:
يرتبط بمفاهيم أعمق مثل الشعور بالذنب لعدم عيش الشخص بحسب قِيَمه أو بسبب عدم المساهمة في إصلاح الظلم الاجتماعي. من أمثلته "ذنب النجاة" عند من ينجو من حوادث بينما يتعرض آخرون للأذى.
ما هي أسباب عقدة الذنب؟
القلق:
الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من القلق يميلون إلى تضخيم أخطائهم وتحميل أنفسهم مسؤوليات زائدة.
تجارب الطفولة:
النشأة في بيئة صارمة أو ناقدة تجعل الطفل يشعر باستمرار بأنه مخطئ أو شخص عديم القيمة.
الثقافة الاجتماعية:
بعض الثقافات تستخدم الذنب كأداة لضبط السلوك، مما قد يُترجم إلى عقدة ذنب لاحقًا.
الضغط الاجتماعي:
الخوف من الحكم أو النقد من الآخرين قد يؤدي إلى شعور دائم بالذنب، حتى في غياب العمل الخاطئ.
ما هي الاضطرابات النفسية المرتبطة بشعور الذنب؟
شعور الذنب قد يكون عرضاً لاضطراب نفسي مثل:
-
الاكتئاب
-
اضطراب الوسواس القهري (OCD)
-
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
-
اضطرابات الشخصية (مثل الحدية)
-
القلق العام
ما هي الأعراض؟
تتنوع الأعراض و تختلف، لكنها تشمل:
-
القلق والتوتر المستمر
-
الأرق وصعوبة النوم
-
البكاء المتكرر
-
اضطرابات في المعدة
-
الانسحاب الاجتماعي
-
انخفاض في النشاط أو الاهتمام
-
التفكير المفرط في الأخطاء السابقة
-
الشعور بالفشل أو عدم الجدارة
-
فقدان القدرة على الاستمتاع
-
أفكار جلد الذات أو السلوك العقابي تجاه النفس
كيف يتم التشخيص؟
يشمل التشخيص:
مقابلة سريرية مع مختص لتقييم طبيعة الذنب ومدى تأثيره على الحياة اليومية
مراجعة التاريخ الشخصي والمرضي
استبعاد الأسباب العضوية مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو نقص الفيتامينات
استخدام أدوات تقييم مثل:
- PHQ-9 لتقييم الاكتئاب
- GAD-7 لتقييم القلق
ما هي خيارات العلاج؟
يتم العلاج عامة بمعالجة السبب وراء شعور الذنب عبر :
العلاج الدوائي:
-
مضادات الاكتئاب (مثل SSRIs)
-
أدوية مضادة للقلق حسب الحاجة
العلاج النفسي:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
-
-
يركّز على تعديل الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار واقعية
-
يساعد على إعادة تفسير المواقف بدون تحميل النفس مسؤولية مفرطة
-
متى يجب زيارة الطبيب؟
ينبغي استشارة مختص نفسي إذا:
-
كان الشعور بالذنب شديدًا ومستمرًا
-
يؤثر على نومك أو علاقاتك أو قدرتك على العمل
-
ترافقه أعراض اكتئاب أو أفكار انتحارية
-
تشعر بأنك لا تستحق السعادة أو النجاح
-
تجد صعوبة في تجاوز أحداث قديمة
و في الختام...
الذنب ليس دائمًا أمرًا سلبيًا، بل قد يكون دليلًا على الضمير والوعي الأخلاقي. لكن عندما يتحول إلى شعور دائم وغير واقعي، فإنه يصبح عبئًا نفسيًا يحتاج إلى تدخل علاجي. لا تتردد في طلب المساعدة، فالتسامح مع الذات جزء أساسي من التعافي.